بالأمس، ودعت ابنتي التي استقلت الطائرة الى مستقبل تقول إنه افضل لها..
غادرت وعيناها ترنوان نحونا، وهي خائفة علينا بدل أن نخاف نحن عليها، تؤكد أنه مهما كان الإغتراب صعباً فإنه أفضل من الغربة في الوطن، ومن الإذلال والجشع والفساد وغياب القوانين والفلتان على مختلف أنواعه الأمني والإجتماعي والسياسي والإقتصادي.
أكثر ما لفتني ونحن نودعها في مطار بيروت هذا العدد الكبير من الشباب والشابات المهاجرين سواء طلباً للعلم او العمل، وكذلك هذا العدد الكبير للعائلات المغادرة بكامل افرادها، وأعمارهم تتراوح بين الثلاثين والاربعين يبحثون عن غد افضل لهم ولأولادهم ما اكد لي بالفعل أن الوطن بالفعل يكاد يفرغ من أبنائه.
في المطار دموع على الخدود واخرى محبوسة في المُقل، إذ يحتار الاهل هل يبكون على فراق من تعبوا وسهروا وضحوا في سبيل تعليمهم وتربيتهم لينجحوا في الحياة ويحققوا احلامهم وطموحاتهم ويجدوا الوظائف التي تناسب كفاءاتهم، ام يفرحون لأن أولادهم تمكنوا من الحصول على تأشيرة الى بلدان حيث للانسان قيمة، وحيث اصحاب الكفاءة والعلم ينالون الافضلية في الوظائف من دون واسطة او ارتهان لنائب او زعيم أو لمن له اليد الطولى في التوظيف حسب الانتماءات والولاءات؟.
في المطار سأل احد الموظفين ابنتي على كونتوار التأشيرات، لماذا انت حزينة، يجب ان تفرحي كونك تغادرين جهنم حيث لا كهرباء ولا بنزين ولا ادوية؟ فردت قائلة “اغادر انا، فيما قلبي على اهلي خوفاً من أن يمرضوا ولا يجدوا الدواء او المستلزمات الطبية في المستشفيات، أخاف عليهم من الوقوف ساعات في طوابير البنزين وأن يناموا على العتمة وتتوقف برادات منازلهم عن العمل وينقطع الخبز ويعودوا لعيشة اهل الكهف”، فكان جوابه السريع “ارسلي لهم وثائق لم الشمل وليغادروا لأن الأوطان حيث الأمن والأمان واحترام الإنسان”.
وعدت نفسي ومن حولي بأن لا اسمح للدموع أن تغسل وجهي على فراق وحيدتي، ولكن، كل من يزورني للاطمئنان على وصولها بالسلامة يبكي، منهم لأن أولادهم في الغربة وهم في اشتياق لهم، ومنهم كون أولادهم لم يتمكنوا من تحقيق حلمهم بالحصول على تأشيرة للمغادرة، وأنا مهمتي في كلتا الحالتين أن اطمئنهم بأن البلد قد يكون بات على السكة الصحيحة فعسى أن تتحسن الاحوال وتحمل لنا الحكومة الجديدة بارقة أمل…يا ليت!.
Related Posts