بعد صدور مراسيم تشكيل الحكومة الجديدة، أجمع المراقبون والمتابعون على أن تيار المرده سجّل نقلة سياسية وحزبية لافتة عبر تمثيله بوزيرين مارونيين من قضاء كسروان الذي يحتضن الصرح البطريركي الماروني، والذي أعتُبر في حقبات مفصلية أنه تقاطع محوري لعبور آخرين إلى غير مواقع!..
صحيح أن هذا التيار الذي يرتبط بجذور لبنانية عميقة، ويحظى بإحترام شامل وواسع على مساحة الوطن، كان قد إفتتح مراكز له في غير منطقة لبنانية ومنها كسروان وزحلة وبعبدا، ولكن يبدو أنه بصدد القيام بخطوات إمتدادية، كما أشار في غير مناسبة عضو التكتل الوطني النائب طوني سليمان فرنجية في أكثر من مناسبة مشيراً إلى دراسات معمقة وإمكانيات تتطلبها هكذا خطوة..
واذا كان السؤال الأهم لماذا كسروان بالتحديد؟، فالجواب يفرض فتح الذاكرة على عدة نوافذ كانت لافتة في نتائجها:
فكسروان لم تستطع الوصول إلى بعبدا إلاّ عبر الرئيس فؤاد شهاب في العام 1958 فعمل على إنشاء البنى التحتية لهيكلة إدارة الدولة، وما زال حتى اليوم يُذكر عهده بتلك الإنجازات.
ولكنها قبل انتخاب الرئيس سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية في العام 1970، شهدت انتخابات نيابية في العام 1968 أشرف عليها هو بنفسه حيث كان وزيراً للداخلية. واستطاع فيها الحلف الثلاثي الذي كان يضم رئيس الجمهورية السابق كميل شمعون ورئيس حزب الكتائب بيار الجميّل ورئيس حزب الكتلة الوطنية العميد ريمون إده أن يكتسح مقاعد كسروان، ويتحالف مع تكتل الوسط الذي كان فرنجيه عضواً أساسياً فيه لدعمه كي يصل إلى بعبدا.
كسروان كانت أيضاً المعبر المحوري لرئيس الجمهورية الحالي العماد ميشال عون الذي وصل إلى رئاسة الجمهورية بعدما حصد أكثر من انتخابات نيابية في هذا القضاء الرمز.
لذلك، لم يكن عبثاً أو بالصدفة اختيار وزيرين من قضاء كسروان ليمثلا “تيار المرده” ذي القاعدة الشمالية الأبرز، فالموضوع دُرس بعناية استكمالاً لخطوة رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه عندما تحالف مع المرشح فريد هيكل الخازن ليخوض الانتخابات النيابية عام 2018 ويحجز بامتياز أحد المقاعد الخمسة المارونية في الدوحة الخازنية. مما قد يمهّد هذا الاختيار إلى تسجيل أكثر من هدف مباشر في هذا القضاء. وبخاصة إذا ما تبلورت جيداً صورة التحالفات التي سيتم جمع حلقاتها في الأشهر القليلة المقبلة تمهيداً للانتخابات النيابية المقررة في الثامن من آيار المقبل.
وهذا الإختيار لن يمر بالتأكيد مرور الكرام في جونيه قلب كسروان. فجونيه التي لا تهتم عادة لـ “هدير البحر”، فقد يحرك المتوسط في الانتخابات المقبلة “الهوا الشمالي” الذي يُقال عنه في الروايات القديمة أنه “يقصّ المسمار”!
يقول النائب طوني فرنجيه في أحد لقاءاته الصحفية: “كان كل هدف جدي الشهيد طوني فرنجية، توحيد الصفوف في الشمال وتوحيد البلاد، لمواجهة الافكار الانعزالية الكثيرة والشبيهة ببعض الافكار الموجودة اليوم في الحياة السياسية”.
ويبدو ان العديد من الظروف باتت مهيأة لتحقيق أهداف وطنية، في وقت إنكفأت فيه بعض الأحزاب المسيحية عن كسروان وأختارت لنفسها ساحات أخرى لمعارك الأخوة الأعداء!..
Related Posts