ماذا ينتظرون لإعلان لبنان دولة فاشلة ومفلسة؟… عبد الكافي الصمد

ثلاثة أخبار لافتة برزت أمس، إنْ دلّت على شيء فإنّما تدلّ على أنّ لبنان ينزلق على نحو سريع نحو قعر سحيق وعميق، وأنّ الإنهيار فيه يتوسع أفقياً وعمودياً حتى يكاد يشمل كل نواحي الحياة في بلاد الأرز، وأنّ تفكّك وتحلل الدولة يكاد يجعل من مهمة ترتيبها وإعادة جمعها مجدّداً بالغة الصعوبة، إنْ لم تكن مستحيلة.

الخبر الأول كان ما نُقل عن وزيرة الخارجية بالوكالة زينة عكر من تصريح بأنّها حثّت سفراء لبنان والقناصل والملحقين في الخارج بالتبرّع بمبلغ يتراوح بين 100 ـ 200 دولار شهرياً من رواتبهم لصالح موظفي وزارة الخارجية في لبنان، تحت حجّة أنّ راتب الموظف في الوزارة أصبح زهيداً، لأنّ رواتبهم بالليرة اللبنانية، علماً بأنّ راتب السفير هو 33 ألف دولار، والملحق 10 آلاف دولار.

هذا الخبر إنْ صحّ عن عكر، فإنّه يكاد يكون الأوّل من نوعه في العالم حيث تقدم دولة على دعوة موظفين لديها للإقتطاع من رواتبهم من أجل دفع رواتب موظفين آخرين من أجل تعويض الفارق الكبير في الرّاتب بين موظف وآخر. مع العلم أنّ هذا العجز يمكن سدّه من خلال شدّ الأحزمة في مجال النفقات والمصاريف، وإغلاق مكاتب وقنصليات لا جدوى من وجودها وإستمرارها، وغير ذلك من مزاريب الهدر المعروفة في وزارة الخارجية كما في بقية الوزارات.

أمّا الخبر الثاني، فكان في إعلان معمل لبناني يصنع الأمصال التي تستخدمها مستشفيات البلاد، ويزوّدها بنحو 70 في المئة من حاجاتها من هذه المادة، توقّفه عن العمل بسبب فقدان مادة المازوت لديه، وعدم قدرته على تأمينها للإستمرار في العمل، ما يعني بكلّ بساطة أنّ لبنان مقبل على شلّ مستشفياته، وانهيار قطاع جذب في العقود السابقة آلاف الأطباء المميزين إليه، وجعل المستشفيات اللبنانية قبلة أنظار مواطني الدول العربية المجاورة لريادتها، قبل أن يأتي خبر توقف إمدادها بالمصل في أعقاب أخبار الهجرات الواسعة لأطباء لبنان وممرضيه إلى الخارج في السنتين الأخيرتين.

الخبر الثالث جاء من بلدة القبيات في عكّار، تمثل في شكوى عدد من أهالي ومخاتير منطقة الدريب في المنطقة من إنقطاع الكهرباء عن قلم نفوس القبيات، وتوقف الأعمال فيه بشكل نهائي، بسبب قطع صاحب مولد الإشتراك التيّار عن المركز نتيجة عدم دفع الفاتورة.

هذا الإجراء يعني بكل بساطة توقف كافّة المعاملات في قلم النّفوس المذكور من بطاقات الهوية، وإخراجات قيد ووثائق زواج وولادة ووفاة لعشرات آلاف المواطنين من سكان البلدات والقرى في تلك المنطقة.

ما سبق لا يمثل سوى غيض من فيض ما ستحمله الأيّام المقبلة من إنهيارات إضافية وتفكّك وانحلال إدارات الدولة، ومشاهد الفوضى والتسيّب الأمني، التي ستضاف إلى أزمات الكهرباء والبنزين والمازوت الدواء والخبز، ما يطرح أسئلة وجودية تتعلق بالكيان والدولة، وأنّ بلداً أصبح فاشلاً ومفلساً ومنهاراً على كلّ الصعد ماذا ينتظر أولياء أمره في الداخل والخارج ليعلنوا أنه غير قابل للإصلاح، وأنّ الترقيع فيه لم يعد مجدياً، وأنّ إنهاء معاناة اللبنانيين باتت مقدمة على أي أمر آخر؟.


مواضيع ذات صلة:


Post Author: SafirAlChamal