الرابع من آب.. ″السوريالي″!… رنا البايع

كل يوم هو 4 آب… التفجير الذي قصم وجداننا، يغتصب الوقت ويمسك به من يده التي تؤلمه، يرمي البوصلة فيتجمّد المكان…

365  يوم عذاب مرير وبكاء لا ينضب وصراع نفسي لأهالي الضحايا وللناجين من جريمة العصر في مرفأ بيروت…

و”الحبل على الجرار” في ظل سلطة تستمرّ منذ 365 يوما بالنوم في العسل بلا ضمير…

عام على “عتبنا من المحبة”.. عام لم نشهد بقساوته وأحزانه ومصائبه، ولم نستطع خلاله ان ننسى مهما نحاول…

عصية الدمع بيروت وقفت مصدومة من الاحتفالات والصلاة والمجسمات الخارجة عن الواقع…. شهدت على جنازتها الفخمة التي نقلتها كل الشاشات…ونحن في عمق أعماقنا نتساءل: متى أصبح الموت مدعاة للاحتفال؟

وتأتي كلمة البطريرك مار بشارة الراعي لتختم “سوريالية” المشهد بعظة مخدِّرة فوق الريح، لا تحاكي الواقع بل تدغدغ وتر الأحاسيس المبعثرة لتدوزنه على هواها وتشدّ عصبه في الاتجاه الذي تريده وتنفّس الغضب المتصاعد.

يعلم راعينا أننا فقدنا الأمل منذ أصبح المرفأ هواءً نتنفسه كلّ يوم، وكابوسًا يؤرّق ليلنا الطويل، وكأسًا مرة كلما نتذوقها تزداد مرارتها…

لم يكن مطلوبًا أن يكون 4 آب يومًا للصلاة ولدفن الموتى وللدعوة الى السلام والى بغض الحروب، فيما تشن علينا سلطتنا المتعملقة بالإجرام حروبًا يومية تلهينا فيها عن الثورة المنشودة… كأن هذا الاحتفال كان صلاة عن راحة نفس ضمير المسؤولين وليس عن راحة نفس الضحايا!

لم يكن مطلوبًا أن يكون سقف الخطابات عاليًا، فالعين اليوم على الأفعال وقد باخ الكلام المكرَّر “الكليشيه” الذي تساوى بالصمت المريب….

لم يكن مطلوبًا نصبا تذكارية عادة ما تقام بعد تحقيق نصر وليس عندما تكون الهزائم سيدة الموقف…

المطلوب أن يكون الخط الاحمر الوحيد، الذي رسم بدماء الضحايا، هو العدالة والحقيقة من خلال استكمال التحقيق ورفع الحصانات… وأن يكون دم هؤلاء الابرياء ذخيرة يبنى عليها لبنان الجديد ….

“سيقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم من بين الأموات” (متى 17: 23)

ونحيا في لبنان على أمل اليوم الثالث….


مواضيع ذات صلة:


Post Author: SafirAlChamal