جاء تكليف الرئيس نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة بموجب المشاورات النيابية الملزمة بأغلبية 72 نائبا ليفسح في المجال للإنتقال إلى مرحلة التأليف التي تبدأ بمشاورات مع الكتل النيابية للإستماع إلى طروحاتها واقتراحاتها التي تساعده على بلورة صيغة الحكومة.
وكان الرئيس المكلف بعد عودته من الخارج قد التقى مجموعة من القيادات السياسية لوضعها في صورة مشاوراته مع قوى عربية وإقليمية ودولية في محاولة لإستكشاف المتغيرات المستجدة بعد اعتذار الرئيس الحريري عن الإستمرار في محاولة تشكيل الحكومة بعد أن وصل إلى طريق مسدود حول إمكانية التفاهم مع الرئيس عون.
ويبدو أن الرئيس ميقاتي لمس حرصا على ضرورة تسريع عملية تشكيل الحكومة بإعتبارها المدخل الوحيد لتقديم المساعدات الدولية التي تبدأ بعدها عملية إنقاذ لبنان وتحقيق الإصلاحات فيه والتي تشكل بداية استعادة عافيته.
كما لمس تشجيعا له على تحمل مسؤولية تشكيل الحكومة وضمانات بتوفير مقومات نجاحه عبر اعتماد المبادرة الفرنسية التي تحظى بدعم دولي وعربي يأتي في مقدمته الدعم الأميركي والأوروبي والمصري والخليجي. وهذا ما جعل الرئيس المكلف يقول أنه حصل على ضمانات تؤكد ذلك.
المهم اليوم ان لا تتكرر العقبات المفتعلة لمنع تأليف الحكومة في محاولة لتغطية السبب الحقيقي لإستمرار عوائق التأليف والذي استغل لتمرير المزيد من المكاسب لمصلحة أكثر من طرف والذي أخد بكل أسف بعدا طائفيا – مذهبيا في مرحلة تتطلب المزيد من التضامن لإنقاذ الوطن من محنته خصوصا بعد أن ظهرت بوضوح النتائج الكارثية لعدم وجود حكومة فاعلة لوقف استمرار الإنهيار على الأقل.
لا شك في أن تسريع عملية تأليف حكومة أصبحت مهمة وطنية بإمتياز، وعلى الجميع أن يرفع الصوت عاليا عبر اتهام من يقف وراء العرقلة بالخيانة الوطنية لأنه لم يعد مقبولا أن يستمر الصراع للحصول على مكاسب إضافية لهذا الطرف أو ذاك في وقت ينهار فيه الوطن بكل مكوناته، خصوصا وأن مهمة الحكومة محددة بوقف الإنهيار وبدء الإصلاحات والتحضير لإجراء الإنتخابات النيابية في موعدها، الأمر الذي يفرض الإهتمام بوضع قانون انتخابي جديد يحقق صحة التمثيل ويقلص من حدة الغرائز الطائفية والمذهبية والمناطقية التي تؤجج التناقضات بين أبناء الوطن الواحد وتكرس استمرار النظام الطائفي الذي يحقق الشرذمة ويعيد إحياء فكرة الأمن الذاتي التي تحول الوطن إلى كانتونات وتعيق بناء مواطنة تشكل المدخل لإعادة البناء على أسس تحقق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وتعتمد الكفاءة كبديل للتبعية.
حسنا فعل الرئيس المكلف نجيب ميقاتي حين أكد أن همه الأساس هو الإهتمام بتأمين الأدوية والمحروقات والكهرباء للمواطن الذي يعيش أجواء الفقر والبطالة والجوع والحرمان من أبسط مقومات الحياة رغم القناعه بأن طريق الخلاص يكمن في تحقيق أمرين: وقف حصرية الإستيراد للمافيات المهيمنة على كل القطاعات ووضع حد للهندسات المالية للمصرف المركزي.
مواضيع ذات صلة: