وتبقى طرابلس عاصمة العروبة.. وعروس الوطنية… عبدالله خالد

عرفت طرابلس عبر تاريخها الطويل الذي أخذ بعده مع الفينيقيين وامتد ليشمل كل الغزاة الذين وفدوا إلى المنطقة على أنها صلة الوصل بين العالم والمنطقة عبر مرفئها الطبيعي الذي بني فيه الأسطول العربي الإسلامي باعتبارها عقدة تجمع المواصلات الدولية من أوروبا إلى الهند.

إن التعريف الحقيقي والجامع لطرابلس الفيحاء أنها شامية الهوية مصرية الهوى عربية الإنتماء إسلامية معتدلة ومحافظة على التقاليد تفتح أبوابها للجميع وتستوعبهم كأبنائها باعتبارها متدينة دون تعصب تتمسك بتقاليدها وثوابتها وقيمها دون أن تمنع انفتاح أبنائها على الحداثة والعصرنة وفوق كل ذلك وسطية التوجه ترفض التطرف وتدرس خطواتها في الإنفتاح على التيارات المعاصرة.

حاول كثيرون إغراقها في التيارات المتطرفة فرفضت التنكر لتاريخها، وسعى آخرون لتغريبها عن واقعها فاستهجنت هذا التصرف. وهذا ما جعل كثيرين يظلمونها وينعتونها بصفات محددة ليكتشفوا أنها عصية على التطويع.

قالوا عنها قندهار وسعوا لتحويلها إلى إمارة مع بدء الحرب الكونية على سوريا فلم تستجب وبقيت وفية لإنتمائها الوطني العربي دون أن تتنكر لمعتقدها المنطلق من المحبة والتسامح والمحتضن لكل أبنائها.

آمنت بخيار الدولة رغم كل التهميش والتغييب الذي مورس ضدها ورفضت كل السلطات البديلة التي سعت للحلول مكان الدولة لقناعتها بأن الشرذمة ليست حلا وأن الوحدة الوطنية والمواطنة هي الطريق الأسلم لبناء مستقبل أفضل قوامه أوثق العلاقات مع الجوار الذي يشكل عمقها الاستراتيجي.

وفي الحراك الأخير أطلقوا عليها نعوتا شتى لعل أبرزها “عروس الثورة” ثم سعوا لشيطنتها عبر اعادة إحياء أدوار يلصقونها بها مجددا بعد أن كانت قد رفضتها سابقا، وأغدقوا المال على بعض أبنائها لإغراقهم في مشاريع مشبوهة.

ومع انحراف الحراك عن مساره السلمي المطلبي بعد دخول بعض أطراف السلطة إليه وبداية انحسار التيار العابر للطوائف والمذاهب والمناطق الذي أفرزته المطالب الشعبية المشروعة والمحقة وبدء قطع الطرقات التي حولت المناطق اللبنانية إلى كانتونات يسعى البعض لبلورة سلطات بديلة للدولة فيها وتنامي نسبة البطالة التي زادت الفقر والعوز، بدأت طرابلس تشكل خزانا للحراك الشعبي في ساحات بيروت وسط تنامي مساعي العودة لشيطنتها وأبنائها.

اكتشف أبناء طرابلس أن كل الألقاب التي أطلقت عليها كانت تهدف إلى إغراقها في مشاريع عنف لا علاقة لها بها. وبدأ الفرز من جديد لتعود طرابلس إلى أصالتها مجددا وتفرز العناصر الضالة فيها في تأكيد على أنها كانت وما زالت وستبقى عاصمة الوطنية والعروبة وجوهرة الوحدة الوطنية والمواطنة البعيدة عن التعصب والرافضة للشرذمة والتفتت.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal