يأتي الأضحى السنةَ والليالي طوالٌ، وتضرّعُ المؤمنِ شقَّ السماءِ: “مَنْ لي ألوذُ بُهِ إلّاكَ يا سندي”.
يجيءُ العيدُ، عادة، ليخربطَ روتينَ الأيامِ، ويجدّدَ رونقَ الحياة، فلماذا تنقلبُ الآيةُ، وتسودُ الأيامُ العتاقُ تجديداتِ العيد؟ لماذا يبدو شعبيّ اليوم كشاة سيقَ إلى الذبحِ، وكأضحيةٍ في نهاراتٍ تترجمُ مكائدَ الليلِ ومؤامراتِ الظلام؟
لن نرتاحَ قبل أن نكون كالنبي إبراهيم، الذي رفع َيدَهُ إلى فوق، ليُمْسِكَ الرّبُ يدَهُ ويفدي ابنَهُ بحَمَلٍ.. إنّ كلَّ مسؤولٍ مدعوٌ إلى أنْ يرفعَ يدَهُ عن مغرياتِ الدنيا، عن الأثرةِ والجشع، عن الاستغلالِ والطمع. من رفعَ يدَهُ عن الدنيا لاقَتْهُ يدٌ من السماءِ فيصيرُ إليها بكلّيتِه، ومن صارَ من أهلِ فوق في مسراه الأرضيّ، صارَت إليه الناس ليصرفَها إلى وجهِ ربّه.
هو الأضحى، والقلوب في معراجِها إلى الحجِّ المبرور، وقد تعثّرت السبل إليه اليوم، لكن الحجّ قائم في مسرى حياة المؤمن، حيث قلبه يطيب إلى الشباك والمحراب والروضة .
إنّه الأضحى، وهو في هذه السنة يلتقي مع عيد النبي ايلياس الغيور الذي احترق غيرة بعبادة ربّه، فكان مثالًا لمن أعطى ذاته وقلبه، والتهب بحبّ الله تعالى، فكثرت دموعه، وبها كانت معمودية التائبين. إنّ النبيَين إبراهيم وإيلياس طلبا محرقة من الرّب، فكانت لهما بقبولٍ من العليّ ورضى.
عسى أن يكون الأضحى عندنا جميعًا، كما مداه الإيمانيّ، معراجًا إلى الوحدة، اعتصامًا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا ، ودعوة أنْ لَا نتفرّق، ذاكرين نِعْمَة اللَّهِ عَلَيْنا، إِذْ أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِنا، وأصبحنا بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا.
مواضيع ذات صلة: