طرابلس.. جامعة الناس… جان توما

تبقى العادات والتقاليد واحدة في طرابلس، مهما تقادمت الأزمنة وتغيّرت. تمرّ الأعياد ومواسم الصوم جامعة الناس في أمل ورجاء.

اليوم الفصح المجيد وشهر رمضان الكريم وطرابلس على عهدها تجاورا وتسامحا وانفتاحا. هي البلد الذي يحتضن الكلّ في التعبير عن المناسبات. يتشارك أهل طرابلس المواسم برضى وقبول. يذهبون إلى المنتوجات البيتية استعدادا للاعياد خاصة في هذه الضائقة.

وللتخفيف من قساوة الوضع ترى أهل طرابلس يتسابقون على تقديم موائد الافطار وتوزيع الوجبات على المتعففين وهو تعبير مستحدث لمساعدة الآخرين.

كما ترى مطاعم المحبة والجود والكرم وغيرها تتسابق على تقديم وجبة الغداء او الإفطار مساعدة من المؤمنين بخدمة أبناء طرابلس المتعففين.

ورغم كل الظروف الصعبة تحاول عائلات الحيّ عدم التخلًي عن صناعة المعمول والأقراص، وهي صناعة أهلية مستحبة مشتركة، إذ لا يفرّق فرن الحيّ بين صينية فصحية أو رمضانية، فالأقراص تجمع نساء الحي على تنوًع انتماءاتهم ووحدة طرابلسيتهم.

وكما اعتاد الناس في العهد التركي على “الدومري” الذي يمرّ ليلًا في الأحياء لإنارة الفوانيس ، فإن خلت الشوارع منه قيل: “ما في دومري”، أي ما في حدا. وهكذا كان سحور رمضان يترافق مع صوت “المسحراتي” بأناشيده المدحية بمعانيها الروحية السامية، وعلى جمال صوته كان المواطنون، على اختلاف شرائحهم، يبتهجون بأنس صوته، ويألفون لمعاني ترانيمه الروحانية.

غابت اليوم موائد الإفطار الجماعيّة التي كانت تجمع المواطنين حيث يتساوون، على تنوّع شرائحهم، في تناول حبة التمر ورغيف الخبز الماوي الرمضاني وقطعة الكربوج ، ومن المعروف أنّ المسيحيّ اذا دعي إلى إفطار صام نهاره ليكون إفطاره مباركًا ومحمودا، مع الإشارة إلى أن بيوت المسيحيين تتجنّب في شهر رمضان الكريم إعداد المأكولات المشويّة مواكبة لمسيرة الصائمين.

مدينة طرابلس لا تخرج من جلبابها التاريخيّ الحضاريّ، بل تبقى البلد المقصود لطيبة أهلها وعفويتهم في التشارك اليوميّ في مواسم الأعياد وفي المناسبات الوطنيّة والعربيّة.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal