ضغط دولي غير مسبوق.. هل تنجح محاولات الفرصة الأخيرة؟!… غسان ريفي

تتكثف الجهود السياسية محليا وإقليميا لانجاح المحاولة الأخيرة لتشكيل الحكومة والتي ستتمثل بزيارة الرئيس المكلف سعد الحريري الى قصر بعبدا ربما يوم الجمعة المقبل بعد إنتهائه من مشاوراته العربية واللبنانية، وذلك لتقديم تشكيلة منقحة من 24 وزيرا الى الرئيس ميشال عون الذي إما أن يوافق ويوقع مراسيمها فتبصر الحكومة النور ويبدأ العمل على الانقاذ، أو أن يرفضها ويعتذر الحريري من دون أن يسمي أحدا غيره، وعندها تبدأ مرحلة الارتطام الكبير الذي تؤكد كل المعلومات أن المجتمع الدولي لا يريده ويتوجس خيفة منه.

كل المعطيات تشير الى إستنفار دولي غير مسبوق تجاه الوضع في لبنان الذي بات على مفترق طرق، حيث يسعى المعنيون بالملف اللبناني الى حرفه عن الانهيار التام الذي بات “قاب قوسين أو أدنى” لأن ذلك وبحسب تقارير قد يفتح الأبواب على إحتمالات وسيناريوهات عدة قد يُعرف كيف تبدأ لكن أحدا لا يعلم كيف تنتهي، خصوصا أن التطورات الاجتماعية بلغت منحى خطيرا مع موت الأطفال أمام أعين ذويهم بسبب عدم توفر الأدوية لهم، ولعل الطفلة جوري إبنة العشرة أشهر التي فارقت الحياة أمس  ستبقى وصمة عار على جبين الدولة، ولعنة تلاحق كل معطلي ومعرقلي تشكيل الحكومة.

يبدو واضحا أن الاجتماع الثلاثي لوزراء الخارجية أنطوني بلينكن (أميركا) جان إيف لودريان (فرنسا) وفيصل بن فرحان آل سعود (السعودية) أعاد تكليف فرنسا بالملف اللبناني وبدعم روسي، حيث تشير معلومات الى أن إتصالات فرنسية جرت مع قنوات في حزب الله لتؤكد أن الاجتماع الثلاثي وحراك السفيرتين دوروثي شيا وآن غريو باتجاه السعودية يهدف الى تفاهم على كيفية إدارة الأزمة اللبنانية وهو غير موجه ضد الحزب بأي شكل من الأشكال خصوصا أن فرنسا تُعتبر من أكثر المتفهمين لهواجس الحزب وقد سارع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لدى زيارته لبنان وإجتماعه مع القيادات في قصر الصنوبر الى تحييد المسائل الخلافية لتفادي أية عراقيل يمكن أن تحول دون الوصول الى حل الأزمة الحكومية.

ولم يخف الفرنسيون خوفهم من فشل المحاولة الأخيرة، خصوصا أن إعتذار الحريري في الوقت الراهن وعدم تسميته أي شخص من شأنه أن يؤدي الى تعميق الأزمة، لذلك كانت إتصالات فرنسية وروسية ومصرية مع الحريري أكدت دعمها لاستمرار تكليفه، ما أعطاه جرعة دعم دفعته الى تجميد إعتذاره.

من هنا، تأتي زيارة الحريري الى مصر يوم الأربعاء المقبل للقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي الرافض لاعتذاره، حيث من المفترض أن يضع الحريري الرئيس المصري في أجواء الصعوبات التي تواجهه، وإبلاغه بتفاصيل المرحلة الأخيرة التي يقول مراقبون أنها لا تشبه مثيلاتها، حيث يعتقد هؤلاء أن الاتصالات التي كانت ناشطة خلال الفترة الماضية معطوفة على وساطة السيد حسن نصرالله، ساهمت في حلحلة الكثير من العقد لا سيما تسمية الوزيرين المسيحيين وعدم حصول أي طرف على الثلث المعطل، حيث أن كلٌ من المعنيين سيقوم بالجهد المطلوب من أجل إنجاح هذه الفرصة التي في حال تلاشت فإن الأمور سوف تعود الى المربع الأول، مع مزيد من التعقيد، خصوصا أن ما لم يعطه الحريري للعهد لن يستطيع أي رئيس مكلف آخر أن يعطيه إياه، هذا إن حصل تكليف جديد.

في غضون ذلك، بدأت عوارض “الانفصام” تتكرس لدى النائب جبران باسيل الذي بات يُصرح الشيء ونقيضه، حيث عبر قبل أيام عن “حزنه الكبير من إعتذار الحريري” معتبرا نفسه “الخاسر الأكبر”، وأمس الأول قال: “إن الحريري بتعطيله تشكيل الحكومة ذبح البلد”، حيث يرى متابعون أن باسيل ربما وجد ان الأمور ذاهبة نحو الحل بما لا يصب في مصلحته فأراد أن يقلب الطاولة لمزيد من التعطيل، في حين إعتبرت بعض المصادر أن باسيل هو أول من يتحمل مسؤولية ذبح البلد، وليس الحريري الذي إختار التسويات التي إستفاد منها باسيل فحقق مكاسب لا تعد ولا تحصى على ظهر الحريري ومول مشاريع ومنها السدود الوهمية الفاشلة والبواخر على حساب التسوية مع الحريري وعليه اليوم أن يبادر هو الى التسويات  لانقاذ العهد والبلد وقبل ذلك لانقاذ نفسه بعدما أدرك الجميع بأنه المعطل الأول.


مواضيع ذات صلة:


Post Author: SafirAlChamal