الحريري يدرس خياراته.. هل يُقاطع السنّة رئيس الجمهورية؟… غسان ريفي

حدثان، تصدرا المشهد اللبناني أمس، الأول الزيارة الخاطفة لوزير خارجية قطر محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الى بيروت ولقائه مع الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري ومع قائد الجيش العماد جوزيف عون، والثاني اللقاء الذي دعا إليه رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وضم عدد من السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية العاملة في لبنان.

حملت زيارة الوزير القطري أكثر من رسالة، أولا لجهة الطلب من أركان السلطة تشكيل الحكومة وهو أضيف الى سجل الطلبات العربية والأجنبية بهذا الخصوص، إضافة الى تأكيد المؤكد بأن لا مساعدات للبنان إلا بإنجاز عملية التأليف والبدء بالاصلاحات المطلوبة، والثانية إظهار التعاطف مع الشعب اللبناني المنكوب بخلافات مسؤوليه والذي سأل الوزير عبدالرحمن عن كيفية مساعدته وتأمين مقومات العيش له، والثالثة التشديد على دور الجيش اللبناني في حفظ الأمن والاستقرار في البلاد وذلك عبر قيام وزير الخارجية القطري بتخصيص قائد الجيش بزيارة دعم ساهمت في توسيع رقعة الثقة الدولية والعربية بالمؤسسة العسكرية.

أما لقاء السراي الحكومي فكشف حجم الغضب الذي يجتاح السفراء العرب والأجانب من المسؤولين اللبنانين، ومما زاد الطين بلة هو أن الرئيس حسان دياب جاء ليكحلها فعماها، عندما ألقى كلمة “تقليدية” حمل فيها مسؤولية ما يحصل في البلاد الى “الحصار الدولي المفروض على لبنان”، محذرا دول السفراء الحاضرين من “خطورة سقوط لبنان أو وصوله الى مرحلة الارتطام الكبير”، ما أدى الى خروج بعض السفراء عن صمتهم لا سيما سفراء فرنسا وأميركا والكويت والاتحاد الأوروبي الذين ردوا على كلمة دياب، وأكدوا أن ما يحصل في لبنان ليس بفعل حصار أو تخل لأي بلد عن واجباته تجاهه، بل هو نتيجة “خلافات وصراعات قياداته وتقصير حكومته وعدم الجدية في الوصول الى تشكيل حكومة إنقاذ تبدأ بالاصلاحات وتضع حدا للانهيار”.

بدا واضحا من ردود السفراء أن الدول المعنية بلبنان قد تخلت عن دبلوماسيتها في مخاطبة المسؤولين، وهي أمام معاناة وآلام اللبنانيين لا بد من أن تسمي الأشياء بأسمائها وتؤكد أن أزمة لبنان داخلية، وهي ناتجة عن خلافات أهل الحكم على مصالح شخصية ومكاسب سياسية بعيدة عن المصلحة الوطنية العليا التي يجب أن تكون فوق كل إعتبار.

يمكن القول، إن لقاء السراي الحكومي أظهر أن المسؤولين اللبنانيين بدأوا يفقدون هيبتهم وإحترامهم لدى كثير من الدول التي ترى شعبا بأكمله يُهان ويُذل في تأمين مقومات عيشه، بينما يصم المسؤولون آذانهم إلا عن سجالاتهم السياسية ومحاولات تسجيل النقاط على بعضهم البعض أو تصفية الحسابات فيما بينهم وترجمة خلافاتهم في وضع العراقيل أمام تشكيل الحكومة.

في غضون ذلك، يبدو أن الرئيس المكلف ما يزال يدرس خياراته ويتشاور مع المقربين منه ومن بينهم أمس السفير المصري الدكتور ياسر علوي، في حين تشير المعلومات الى أن الحريري لم يعد لديه الكثير من الخيارات التي عمل الرئيس نبيه بري على تحديدها، فإما أن يستمر في التكليف وينتظر مزيدا من المبادرات لايجاد صيغة توافقية يمكن البناء عليها في تشكيل الحكومة بما فيها تقديم تشكيلة جديدة الى رئيس الجمهورية، أو أن يعتذر ويسمي شخصية مقربة منه لتشكيل الحكومة، وما دون ذلك مرفوض من “الثنائي الشيعي” الذي بات على يقين أنه في حال إعتذر الحريري من دون أن يسمي أحدا لخلافته فإن الأمور ستذهب الى مزيد من التدهور، وربما تصل الى أزمة ميثاقية من خلال مقاطعة أكثرية النواب السنة رئيس الجمهورية ورفضهم المشاركة في أي إستشارات نيابية يدعو إليها، ما سيجعل لبنان أمام أزمة حكم طويلة تضاعف من سرعة الانزلاق نحو جهنم.

أمام هذا الواقع، ما تزال كلمات السيد حسن نصرالله حول “أيام الحسم الحكومية” مدار بحث ونقاش في الأوساط السياسية خصوصا أن “السيد” الذي لطالما كان وسطيا في التعاطي مع الملف الحكومي سبق ودعا الى عدم تحديد مهل، لكنه اليوم أكد على الحسم، فهل يلوح في الأفق إنفراج حكومي غير متوقع؟ أم أن ما قصده نصرالله بالحسم هو إعتذار الحريري الذي يعمل بري على تأمين الاخراج المناسب له.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal