قطعت زيارة قائد الجيش العماد جوزيف عون الى مدينة طرابلس لتفقد الوحدات العسكرية العاملة فيها، الطريق على كل المحاولات الرامية الى إحداث فتنة بين الأهالي والمؤسسة العسكرية، لا سيما بعد ″فشة الخلق″ المشبوهة التي تُرجمت بإطلاق نار في الهواء إحتجاجا على الأزمة المعيشية، وكادت أن تتحول الى مواجهة مع الجيش لولا الحكمة التي تعاطى بها في إحتواء حالة الغضب وفي إعادة الأمور الى نصابها.
كلمات مقتضبة خاطب فيها العماد جوزيف عون العسكريين، لكنها تضمنت رسائل في أكثر من إتجاه لجهة:
أولا: رفع معنويات العسكريين الذين يعانون مثل سائر شرائح المجتمع اللبناني وربما أكثر نظرا للمهام الصعبة والدقيقة التي يقومون بها، حيث حرص العماد عون على الاشادة بهم والتأكيد بأن “الجيش سيتجاوز هذه المرحلة بفضل عزيمتكم وايمانكم بوطنكم”، وذلك في إشارة الى أن المؤسسة العسكرية لن تتخلى عن أبنائها وأنها ماضية في تأمين العيش الكريم لهم على كل صعيد.
ثانيا: التحسس بمعاناة أبناء طرابلس وتأكيد وقوف الجيش الذي يعاني مثلهم الى جانبهم والتعهد بحماية تحركاتهم، والتشديد على أن “الجيش ليس ضدهم، وهو ليس سبب الأزمة الاقتصادية”، ما يتطلب مزيدا من الوعي بضرورة دعم الجيش في مواجهة من يريد إضعاف البنية الأمنية لعاصمة الشمال بإضافة العبء الأمني الى العبء الاقتصادي والمعيشي، وذلك إنطلاقا من المسؤولية الوطنية المشتركة شعبا وجيشا.
ثالثا: لغة الحسم والحزم التي تحدث بها العماد عون بعدم “السماح لأي كان في الاخلال بالأمن”، وذلك في رسالة واضحة الى من يعنيهم الأمر لابعاد صراعاتهم وخلافاتهم ورسائلهم عن طرابلس لأن الجيش سيكون بالمرصاد وهو لن يسمح بإعادة عقارب الساعة الى الوراء.
رابعا: التأكيد على جهوزية الجيش وإنضباطيته وإلتزامه الوطني ما يشكل ضمانة للاستقرار إضافة الى بقائه على قسمه في الدفاع عن لبنان أرضا وشعب، وذلك في رسالة تطمينية الى كل من يضع ثقته بالمؤسسة العسكرية ويعمل على دعمها في ظل هذه الظروف الصعبة.
زيارة قائد الجيش وكلامه ورسائله أشاعت جوا من الطمأنينة في طرابلس التي شكلت منذ إنطلاق الخطة الأمنية في العام 2014 الى اليوم بيئة حاضنة في كل مناطقها وأحيائها للمؤسسة العسكرية التي ردت التحية بأحسن منها، بحفظ الأمن وحماية الثورة وضمان حرية التعبير، وتقديم المساعدات العينية لكثير من العائلات المحتاجة بالتعاون مع مؤسسات دولية وضمن برنامج التعاون العسكري ـ المدني، كما أن مبادرة الجيش السريعة الى تأمين مادة المازوت لمولدات منطقة التبانة، ومن ثم إعطاء وزارة الطاقة من مخزونه مليونين ونصف مليون ليترا من المازوت لتوزيعها في طرابلس يؤكد على إلتزام الجيش الأمني والتنموي والاغاثي تجاه طرابلس.
يمكن القول، إنه في ظل الظروف المعيشية والاجتماعية الصعبة القائمة، والمحاولات الرامية الى إستهداف طرابلس وإستخدامها ساحة لتصفية الحسابات عندما تدعو الحاجة، والسعي الدائم من بعض التيارات السياسية الى شيطنتها وتشويه صورتها لابقائها خاصرة رخوة، يدفع المدينة الى حسم خيارها بالوقوف الى جانب الجيش الذي يؤكد السواد الأعظم من أبنائها بمختلف توجهاتهم بأنه يشكل الضمانة الوحيدة لاستقرارها.
مواضيع ذات صلة: