عكار: ألم يحن الوقت للتحرك درءا للفتنة؟… نجلة حمود

بات واضحا أن الفوضى الخلاقة التي تشهدها محافظة عكار على مختلف المستويات، تنذر بوقوع كارثة حتمية، خصوصا مع تطور الأمور لدرجة قطع الطرق والقيام بأعمال التشبيح والتشليح وسط النهار وأمام أعين القوى الأمنية الغائبة كليا عن المحافظة.

الفوضى المتنقلة التي أسفرت خلال اليومين الماضيين عن إعتراض الآليات المحملة بالضائع وتوزيعها من قبل من يدعون أنهم “ثوار” على المارة، أثارت إمتعاضا لافتا وموجة إستنكار عارمة، وبالرغم من التحذيرات التي أطلقها البعض والاستنكار لهذه الأعمال، الا أن الأمور بقيت سائبة وكأن الجميع قد إستقالوا من مهامهم، لينتهي المشهد ليلا بإشتباك مسلح وإطلاق قذائف على طريق عام حلبا ـ العبدة عند مفترق بلدة مجدلا ـ دير دلوم وذلك عقب إعتراض عدد من أهالي المنطقة على عملية قطع الطريق من قبل بعض أقارب الشبان الذين أوقفهم الجيش نهارا.

الاشتباك المسلح كاد أن يؤدي الى فتنة لولا تدخل الجيش ومحاولته إعادة الهدوء الى المنطقة.

كما أن تكرار هذه الحوادث يشير الى أن الأمور خرجت عن السيطرة، وأن عكار باتت قاب قوسين أو أدنى من خيار العنف والفوضى المتنقلة، إذ يتحكم عدد من الشبان بمصير الآلاف من أبنائها الذين يستغيثون يوميا للعبور الى طرابلس، وطلاب الجامعات الذين أنهكتهم حرب الأعصاب للوصول قبل بدء الامتحانات.

ماذا ينتظر فاعليات عكار السياسية والدينية والحزبية والاجتماعية للتحرك؟، ألا يستدعي ما يجري إجتماعا طارئا لكل هذه الفاعليات للاتفاق على آلية من شأنها تسهيل أمور المواطنين المنهكين أصلا جراء الأزمة الاقتصادية الخانقة، والانهيار الحاصل؟، ألم يتعظ البعض من أن قطع الطرق لا يؤدي الى أي نتيجة، بل يسفر الى المزيد من حرق أعصاب الفقراء، والمرضى وطلاب الجامعات؟، ماذا جنى “ثوار عكار” وقاطعو الطرق طوال عام؟، هل تضرر السياسيون؟ هل حلت الأزمات؟ هل إنخفض سعر الدولار؟ هل باتت السلع متوفرة؟ هل توقف التجار عن إحتكار المواد الغذائية؟

اللافت أن الاستنكار لمن هم في موقع المسؤولية إقتصر على النائبين أسعد درغام الذي أعرب في تغريدة له أن أهالي عكار ليسوا قطاع طرق، مؤكدا أن المطالبة بالحقوق لا تكون بالاعتداء على وكلاء الشركات، وللنائب وليد البعريني الذي ناشد الوزراء المعنيين التدخل فورا لتأمين وصول المحروقات وباقي المواد الى عكار، مؤكدا أن الغطاء مرفوع عن كل مهرب بضائع مدعومة مهما كان إنتمائه العائلي أو الحزبي.

أما مفتي عكار الشيخ زيد بكار زكريا فانتقد بشدة تصرف “الثوار” داعيا إياهم لمحاصرة المسؤوليين ومنع التهريب على الحدود. 

الاستنكار مطلوب ولكن ألم يحن الوقت للانتقال الى الخطوة الثانية وهي عقد إجتماع طارئ والخروج بحلول من شأنها منع الفتنة عن عكار؟ لم يتقاعس الجميع وكأنهم غير معنيين بوجع الناس وآلامهم؟ ألم يحن الوقت لكي يتحد السياسيون وفاعليات المناطق مع رؤساء البلديات والاتحادات ويعملون على ضبط الأمور؟ إذا كانوا غير راضين عن ما يجري فماذا ينتظرون؟ لم لا يشكلون لجان لمراقبة الحدود وتنظيم العمل بدلا من ترك الأمور سائبة؟ أين أصبحت اللجان التي كانت تعقد إجتماعات دورية في زمن السلم وغابت في زمن الأزمات والتوترات، أليس ما نشهده اليوم حربا بكل ما للكلمة من معنى؟ ماذا ينتظرون، أن تهدر دماء الأبرياء؟ أن يسقط ضحايا من طلاب الجامعات الذين يتعرضون للذل على الطرقات؟

طرق التهريب في عكار معروفة، وبغض النظر عن حملة الشائعات المغرضة التي تطال البعض ومحاولة تشويه سمعتهم لحسابات شخصية بين بعض الطامحين لمقاعد نيابية، ومحاولة رمي كل الفساد على جهة واحدة فقط لأنها من منطقة معينة، ولكن لو أرادت فاعليات عكار مقاومة الواقع القائم ومحاربة الفاسدين وحماية لقمة الفقراء لفعلوا، وهم جميعا متورطين ومتواطئين “لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس”.

وإذا كان الخوف يمنع البعض من تحمل المسؤولية منفردا، مرددين عبارة “شو أنا دولة”، فلم لا يصار الى إجتماع موسع  يخرج بمقررات واضحة من شأنها منع قطع الطرق، محاربة المحتكرين وفضحهم بالأسماء، رفع الغطاء عن المهربين، تقديم المساعدة للقوى الأمنية للتمكن من ضبط الحدود.

اللقاء بات ضرورة والصمت لم يعد يجدي نفعا، وعلى أصحاب الحل والربط التحرك فورا لدرء الفتنة، والتأكيد أن أبناء عكار ليسوا وحدهم .


مواضيع ذات صلة:


Post Author: SafirAlChamal