لا شيء يعلو فوق مبادرة الرئيس نبيه بري الحكومية..
تحت هذا السقف بدأ حزب الله إتصالاته مع رئيس التيار الوطني الحر عبر مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا الذي إلتقاه يوم الاثنين الفائت بعد أن سلم أمره وأمر من يمثل الى السيد حسن نصرالله، حيث تشير المعلومات الى أنه إستمع الى وجهة نظره، وأكد له أن السيد نصرالله كلف الرئيس نبيه بري بالقيام بمبادرة كونه صديق للجميع، وبالتالي فإن الحزب لا يتحدث لغتين، ما يعني أن صيغة للحل من المفترض أن تكون ضمن سقف المبادرة مع بعض “الروتوش” الذي يساهم في إرضاء كل الأطراف.
لم يعط باسيل جوابا شافيا، فتركه صفا لدرس خياراته، على أن يُعقد لقاء ثان يصار فيه الى بحث معمق في كيفية الخروج من الأزمة التي بدأت تضغط في الشارع فيما المخاوف تكبر من إنفجارها وخروجها عن السيطرة بفعل غضب المواطنين وخروجهم عن طورهم، والإحباط المسيطر على القوى الأمنية والعسكرية وغطرسة القوى السياسية التي لا تهتم لمعاناة الناس.
يبدو واضحا أن حزب الله الذي رضيَ الجميع بوساطته الحكومية، لديه ثلاث أولويات لا يستطيع تجاوزها، لجهة: الحفاظ على تماسك “الثنائي الشيعي” بهدف تحصين البيت الداخلي أولا، والتمسك بالرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة لما لذلك من أهمية في درء الفتنة السنية ـ الشيعية ثانيا، والتمسك بتفاهم مار مخايل مع رئيس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحر ثالثا..
ويبدو أيضا، أن جبران باسيل لم يتبلغ بالترتيب الجديد للأولويات خلال الفترة الماضية التي شهدت مناوشات على جبهة حزب الله ـ التيار الوطني الحر الذي أساء بعض أركانه الى الحزب بشكل غير مسبوق، وهو كان يظن أنه ما يزال في رأس هذه الأولويات، لذلك فقد سارع الى تسليم أمره وأمر من يمثل الى السيد حسن نصرالله ضاربا بعرض الحائط حساسية الشارع المسيحي، إعتقادا منه بأن “السيد” سيسارع الى نصرته على حساب الحريري فيحقق إنتصارا مزدوجا، لكن غاب عن باله الارتباط الوثيق بين الحريري وبري والذي لا يستطيع حزب الله القفز فوقه نظرا للمخاطر الكبيرة التي يمكن أن تنتج منه.
هذا الواقع يجعل باسيل أمام خيارين لا ثالث لهما فإما أن يقبل بطرح حزب الله ويساهم في ولادة الحكومة، أو أن يواجهه بالرفض وبسحب التفويض من السيد نصرالله وهو أمر ليس في مصلحة باسيل “المحاصر سياسيا” لأن ذلك يعني إضعاف كبير لتفاهم مار مخايل قد يؤدي الى تحلله شيئا فشيئا.
والأمر نفسه ينطبق على الرئيس الحريري، فإما أن يقبل بما يتوافق عليه حزب الله مع الرئيس بري ويقبل به باسيل، أو أن يقدم إعتذاره ويحفظ ماء وجهه.
تقول مصادر سياسية مطلعة: إن الأجواء السياسية توحي بأن ثمة مبادرة ما لن تكون بعيدة عن طروحات بري ستطرح خلال الأيام المقبلة، إنطلاقا من أن الحكومة باتت حاجة ملحة للجميع، خصوصا أن مفوض الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل كان أبلغ السؤولين الذين إلتقاهم بأنه إما أن تتشكل حكومة في غضون إسبوعين أو أن الاتحاد الأوروبي سيتجه لاعلان لبنان دولة فاشلة وسيباشر بفرض عقوبات على المسؤولين فيه.
وترى هذ المصادر أن العناد لم يعد يجدي نفعا، لأن لبنان يتأرجح بين تشكيل الحكومة والفوضى العارمة التي قد تفرض قانون غاب بدأنا نرى نماذج منه على الأرض، لافتة الى أن تشكيل الحكومة يبقى أهون بكثير على جبران باسيل من الوقوف في وجه طروحات حزب الله، ويبقى أهون على ميشال عون من التفتيش عن صيغة دستورية لسحب التكليف من الحريري.
مواضيع ذات صلة: