الرئيس ميقاتي لا ينظر الى الخلف!… غسان ريفي

يشكل الرئيس نجيب ميقاتي منذ فترة مادة دسمة في التحليلات الصحافية التي تصب معظمها في إمكانية ترؤسه حكومة إنتقالية لاجراء إنتخابات نيابية، أو حكومة لادارة الأزمة من دون أن يكون لديها أفق للانقاذ بانتظار التطورات الاقليمية والدولية..

يبدو واضحا، أن بعض هذه التحليلات تعتمد على الحضور السياسي والدور الوطني المتناميين لميقاتي الذي يشكل اليوم خط الدفاع الأول عن إتفاق الطائف وصلاحيات رئاسة الحكومة، ويسعى من خلال منصة رؤساء الحكومات الى إيجاد شبكة أمان حول الثوابت الوطنية بما في ذلك التوازنات التي يؤدي العبث بها الى عدم إستقرار يعيشه لبنان اليوم بفعل طموحات وممارسات ومحاولات فرض أعراف لا تمت الى الدستور بصلة.

وبعض هذه التحليلات، تختزن مخاوف من الحجم السياسي الوازن لميقاتي ومحاولات لإغراقه في المستنقع السياسي بما يؤدي الى إفشاله وضرب مسيرته التي ما تزال على مدار 23 عاما تشكل علامة فارقة.

كما لا تخلو هذه التحليلات، من محاولات لاستخدام ميقاتي في توجيه رسائل هدفها ممارسة ضغط سياسي للحصول على تنازلات من هنا وتخفيض سقوف من هناك على حساب الطائفة والصلاحيات، لكن من دون جدوى خصوصا أن “إبن طرابلس” يشكل اليوم ضمانة سنية ووطنية لموقع رئاسة الحكومة، ويساهم دعمه للرئيس المكلف سعد الحريري في تثبيت الأرضية التي يقف عليها ويفاوض من خلالها.

من يتابع مسيرة الرئيس نجيب ميقاتي يُدرك تماما أن الرجل لا ينظر الى الخلف، وأن ما حققه ونجح فيه في السابق ليس بالضرورة أن يعود إليه خصوصا أنه ترك بصمات ما تزال واضحة كونها ساهمت في حماية البلاد.

فعلى صعيد حكومة الانتخابات التي يتم التداول بها اليوم، فالرئيس ميقاتي في العام 2005 خاض هذه التجربة في حكومة من غير المرشحين عندما قرر أن يحمل كرة النار بعد إستشهاد الرئيس رفيق الحريري، حيث خسر مقعدا نيابيا وربح ثقة العالم في إنتخابات أجمعت الدول المعنية على نزاهتها وشفافيتها، ونقل من خلالها لبنان من ضفة الى أخرى وأعاد الانتظام العام الى البلاد التي وضعها زلزال 14 شباط في مهب الريح..

وفي حكومة إدارة الأزمات، نجح ميقاتي في العام 2011 في حماية لبنان من الانزلاق الى فتنة سنية ـ شيعية كانت على وشك أن تشتعل وتأكل في طريقها الأخضر واليابس، كما تمكن من خلال شعار “النأي بالنفس” الذي إبتكره في حينها من تحييد لبنان عن البركان المشتعل حوله، بالرغم من الحرب الشعواء التي تعرض لها هذا الشعار الذي تحول فيما بعد الى حكمة وطنية والى ضيف دائم على البيانات الوزراية للحكومات بعدما تبين للجميع صوابية إعتماده.  

لا يختلف إثنان على أن الرئيس ميقاتي يمتلك من الحكمة والحنكة والشرعية والحضور ما يجعله مهيئا لترؤس أي حكومة، وهو يمتلك الرؤية لآلية الانقاذ، خصوصا أنه كان أول من طرح وفي اليوم التالي لانطلاق ثورة 17 تشرين حكومة الاختصاصيين التي تحولت فيما بعد الى مطلب سياسي وشعبي، كما رسمت مواقفه على مدار السنوات الماضية خارطة طريق للحد من الانهيار والسير في طريق الخلاص التي لا بد وأن يكون له دور فيها سواء ترأس حكومة إنقاذ يستطيع من خلالها ترجمة تطلعاته وإستثمار علاقاته، أو في حال إستمر داعما للرئيس المكلف سعد الحريري في تشكيل حكومة وفق الضوابط الدستورية كما يؤكد دائما.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal