كان اللقاء الذي جمع بعد ظهر أمس الرئيس المكلّف سعد الحريري بالنّائب جهاد الصمد في بيت الوسط مفاجئاً للوسط السّياسي، وأحدث صدمة إيجابية لافتة في الشّارع السنّي، وتحديداً بين مؤيدي الطرفين، وسط تساؤلات حول أهداف اللقاء وتوقيته، والنتائج التي أسفر عنها، خصوصاً أنّه جاء بعد قطيعة بدأت إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005، واستمرت حتى 22 تشرين الأول 2020، عندما سمّى نائب الضنية في الإستشارات النيابية الملزمة الحريري لتأليف الحكومة.
يوم الإثنين الماضي تلقى الصمد إتصالاً ودعوة للقاء الحريري، وهو ما حصل بعد ظهر أمس، في اجتماع دام قرابة ساعة، أكّد خلاله الطرفان على طيّ صفحة الماضي والخلافات السابقة بينهما ورميها خلفهما، وفتح صفحة جديدة من التعاون التي تقتضيها المصلحة الوطنية، مع احترام كلّ منهما للآخر ضمن احتفاظ كل طرف بقناعاته.
لقاء أمس بين الحريري والصمد هو ثمرة إنفتاح الرجلين على بعضهما منذ استحقاق الإستشارات النيابية الملزمة، عندما سمّى الصمد الحريري رئيساً مكلفاً، لأنه افترض حينها بأنّه بات الخيار الطبيعي لهذه المهمّة، سواء كونه الأكثر تمثيلاً لدى طائفته، أو لعدم وجود مرشح آخر، بعد فشل تجربة الدكتور مصطفى أديب واعتذاره، ومن ثم الفشل في تسويق أسماء أخرى لهذه المهمّة، وهي قناعة لدى الصمد ألزمته بها حدّة الأزمة المعيشية وحاجة البلد والنّاس الشديدة لتأليف حكومة.
هذه التسمية يومها جاءت بمبادرة شخصية من الصمد، من غير أن يطلب أحد من حلفائه منه ذلك، لأنّهم يعلمون أنّه لا يمارس إلا قناعاته التي أكسبته إحترام الآخرين له، وهو ما طبّقه عندما لم يسم أديب لرئاسة الحكومة وسمّى بدلاً منه الوزير السّابق الفضل شلق، وعندما حجب الثقة عن حكومة الرئيس حسان دياب، ولما أعلن إنسحابه من عضوية اللقاء التشاوري.
خلال اللقاء الذي كان ودّيّاً، شدّد الصمد أمام الحريري على “ضرورة تأليف حكومة، مع الحفاظ على الثوابت، وعدم خلق أعراف جديدة من شأنها أن تمسّ بصلاحية أي مؤسّسة من مؤسّسات الدولة اللبنانية، وخصوصاً مقام رئاسة الحكومة الذي نحرص عليه أشدّ الحرص”، داعياً إلى “التضحية التي يجب أن تكون من الجميع، لأنّه لا يمكن طلب التضحية من طرف واحد”، متمنياً “ولادة الحكومة في أقرب وقت ممكن”، لأنّ “المسؤولية الوطنية تحتّم على كلّ الأفرقاء تقديم تضحيات ولا أسميها تنازلات، والآن المطلوب أن يضحّي الجميع لكي تكون هناك حكومة، ويعود القليل من الأمل لهؤلاء المواطنين”.
وضمن اللقاء، أكد الصّمد للحريري بأنّه هو الذي يرأس جلسات الحكومة، وهو الذي يضع جدول أعمالها، وهو وحده الذي يملك باستقالته إستقالة الحكومة، وأنّ صلاحيات رئيس الحكومة كافية لحماية موقع ودور رئاسة الحكومة إذا ما أُحسن استخدام هذه الصلاحيات التي يملكها رئيس الحكومة بموجب الدستور.
وفي حين أكد الصمد للحريري على العلاقة الجيدة التي تربطه بكل من الرئيس نجيب ميقاتي والوزير سليمان فرنجية، فقد شدّد الحريري والصمد معاً على أنّ “وضع البلاد اليوم يلزم الجميع تضافر جهودهم من أجل الإنقاذ، ووفق الثوابت الوطنية، لأنّ لبنان لم يعد يحتمل المزيد من الإزمات”.
مواضيع ذات صلة: