تكشفت يوم أمس خيوط مؤامرة جديدة على طرابلس تتمثل بضرب مرفئها بسحب جهاز السكانر منه والذي يمنحه كثيرا من المصداقية والشفافية في عمله، ونقله الى مرفأ بيروت لمراقبة الصادرات المتجهة نحو دول مجلس التعاون الخليجي سعيا لارضائها وتنفيذ شروطها ودفعها الى التراجع عن قرار منع دخول هذه الصادرات إليها.
القرار كان أشبه بـ″نكتة″ سمجة، كان بطلها النائب ميشال ضاهر الذي أعلن بعد الاجتماع ″الفضيحة″ الذي عقد في وزارة الخارجية للبحث في كيفية معالجة حظر المنتجات الزراعية الى السعودية، بأنه قام بإصلاح جهاز “السكانر في مرفأ طرابلس ويدرس مع الجمارك اللبنانية آلية نقله الى مرفأ بيروت، في حين أكدت مصادر مطلعة لـ”سفير الشمال” أن جهاز ″السكانر″ في مرفأ طرابلس غير معطل وهو يعمل ويراقب وفقا للقوانين المرعية الاجراء، لتظهر ″الخفة″ التي تعاطى بها النائب ضاهر في هذا الملف والوزراء في حكومة تصريف الأعمال المشاركين في الاجتماع برئاسة الوزيرة زينة عكر.
ولعل الأنكى من ذلك، هو الشكر الذي وجهه وزير الداخلية العميد محمد فهمي الى النائب ضاهر على إصلاحه “السكانر” غير المعطل في مرفأ طرابلس ودعم توجهه في حرمان مرفأ العاصمة الثانية من هذا الجهاز الحيوي ونقله الى مرفأ بيروت، ما يشير الى القصور الرسمي لجهة معالجة أزمة مرفق حيوي على حساب مرفق حيوي آخر، أو تعطيل مرفأ لتشغيل مرفأ آحر، بدلا من السعي الحثيث لشراء جهاز ″سكانر″ جديد ليتكامل عمل مرفئيّ بيروت وطرابلس على حد سواء.
لا شك في أن ما صدر عن إجتماع وزارة الخارجية، يشير بوضوح الى الظلم الذي تتعرض له طرابلس من قبل الدولة التي يبدو بعض المسؤولين فيها يريدون لهذه المدينة أن تكون بمثابة “قطع غيار للوطن”، أو “صندوق بريد” لتبادل الرسائل، أو “الخاصرة الرخوة” التي يتم فيها تصفية الحسابات، فيما المدينة تتطلع الى أن تلعب في المستقبل القريب دورا محوريا من خلال مرافقها الاقتصادية التي تشكل رافعة نهوض لكل لبنان وموقعها الجغرافي الاستثنائي، وما المنظومة الاقتصادية المتكاملة المطروحة من قبل غرفة التجارة وعوامل الجذب التي شكلته لأكثرية دول العالم سوى أكبر دليل على أن المستقبل الاقتصادي للبنان سيكون من طرابلس الكبرى، لذلك فقد بدأ البعض يسعى الى إجهاض هذا الدور بإضعاف مرفئها وتعريضه لشتى أنواع المخاطر.
تساؤلات كثيرة خلفتها طريقة التعاطي الرسمي أمس مع مرفأ طرابلس، لجهة: من يريد إستهداف هذا المرفق الحيوي في العاصمة الثانية؟، وكيف يمكن للمرفأ أن يعمل إذا تم نقل جهاز “السكانر” الخاص به الى بيروت؟، وهل المطلوب أن يتحول المرفأ الى مرتع للتهريب لكي يُفرض عليه حظر يؤدي الى ضرب إقتصاد طرابلس مجددا؟، أم أن المطلوب إدخال السلاح الى المدينة لتعود ساحة للتوتر وتصفية الحسابات السياسية بالحديد والنار بما يغطي على فشل السلطة السياسية؟..
لا يوجد أي تفسير لقرارات إجتماع وزارة الخارجية، سوى أن هذه السلطة تسعى الى عزل طرابلس سواء بسبب موقفها السياسي المعارض لها، أو لمزيد من إفقارها تمهيدا لاستخدامها في مشاريع مشبوهة، من المفترض أن تتصدى قيادات طرابلس السياسية لها وهي رفعت الصوت أمس رافضة القرارات ومؤكدة إستحالة تنفيذها.
واللافت أيضا، هو القرار “الهمايوني” القاضي بحصر الصادرات الى دول مجلس التعاون الخليجي بمرفأ بيروت فقط، ما يحرم مرفأ طرابلس من هذه الصادرات، خصوصا أن حماية المنتجات والبضائع المصدرة متوفرة في هذا المرفأ أكثر من أي مرفأ آخر بفعل وجود جهاز “السكانر”، كما أن هذا القرار يمنع التصدير عبر معابر الحدود البرية، ويعطل بالتالي شركات النقل وأصحاب الشاحنات ويضرب قطاعا يعتاش منه آلاف العائلات..
مواضيع ذات صلة: