لم يعد بريئا ما يشهده لبنان من ظلم وقهر، حيث يبدو وكأنه تحت نير إحتلال يُمعن في إذلال شعبه وينتقم منه ويمارس بحقه شتى أنواع التعذيب، وذلك بهدف إخضاعه أو تهجيره أو ربما قتله بفوضى أو بحرب أهلية جديدة ينفخ البعض ليل نهار في بوق فتنتها.
لم يعد هناك من داع لتهديدات العدو الاسرائيلي بإعادة لبنان الى القرون الوسطى، في ظل فريق سياسي يتولى هذه المهمة وربما أكثر منها حيث بات اللبنانيون في ظل “العهد القوي” يفتقدون الى أبسط مقومات العيش الكريم، بينما ينشغل هو بالمعايير والميثاقية والحقوق التي لا تسمن ولا تغني من بطالة أو جوع.
يقول كثيرون ان “البلد ليس مُلكاً لميشال عون وجبران باسيل وتيارهما السياسي، فلا يمكن لأكثر من خمسة ملايين لبناني أن يفقدوا مستقبلهم وطموحاتهم وتطلعاتهم وأن يخسروا مقدراتهم وعلاقاتهم وصيتهم، وأن يعانوا الأمرين بحثا عن دواء وغذاء ومحروقات، وأن ينقطعوا عن العالم بسبب توقف الانترنت وإنقطاع الكهرباء بفعل هوس بالحكم وشهوة للسلطة، كما لا يمكن أن يكونوا أسرى عُقد سياسية قديمة تعود لتتفجر اليوم وتترجم تارة بضرب الدستور وإستهداف إتفاق الطائف، وتارة أخرى بالسعي الى نظام رئاسي من شأنه أن يأخذ البلاد الى ما لا يُحمد عقباه”.
في هذا الاطار لم يأت موقف البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظة الأحد أمس بأن “ما يشهده لبنان يهدف الى تعطيل الانتخابات النيابية والرئاسية والبلدية تمهيدا لاسقاط البلد”، من فراغ، بل هو جاء نتيجة سلوك سياسي بات واضح المعالم يمهد لاغتصاب السلطة مجددا من قبل فريق يعمل على ضرب كل المبادرات وتعطيل كل الوساطات والتصدي لأي مسعى من شأنه أن يعيد الانتظام اللبناني العام من خلال تشكيل حكومة وفقا للدستور تبدأ بمسيرة الانقاذ.
في الوقت الذي يحفر فيه الرئيس نبيه بري في صخرة التعطيل بإبرة، ويصر على التمسك بمبادرته كونها تشكل الفرصة الأخيرة للانقاذ، يستمر جبران باسيل في الغطرسة السياسية برفض أن يقوم الرئيس سعد الحريري بتسمية الوزيرين المسيحيين بشكل مطلق، فضلا عن إبتكاره حجة جديدة للتعطيل النهائي، وهي أن حكومة (الثلاث ثمانيات) تكرس مثالثة مقنعة، وفي ذلك ضرب علني لمبادرة الرئيس بري بكل مندرجاتها واعادة المشاورات الحكومية الى نقطة الصفر في وقت يحتاج فيه اللبنانيون الى تأليف فوري للحكومة قبل ان تعزلهم ازماتهم عن العالم وتغرقهم في مستنقع لا يعود بمقدورهم الخروج منه.
تتهم مصادر سياسية العهد وفريقه “بتيئيس كل الساعين الى حل الازمة الحكومية، من الفرنسيين مرورا بالسيد حسن نصرالله الذي من المفترض ان يطل مساء غد وصولا الى الرئيس بري الذي يعمل فقط على تأخير الانفجار الذي بدأت بوادره تظهر في الشارع، في وقت لا يتوانى فيه باسيل عن طلب المزيد إما لاحكام السيطرة على الحكم او لتعطيل المبادرات التي يرى انها لا تصب في مصلحة طموحه”.
تقول هذه المصادر : “ان العهد لم يعد لديه ما يخسره وهو يعتمد “سياسة الارض المحروقة” ويتصرف وفق قاعدة “عليي وعلى اعدائي” ويرى انه في حال تشكلت حكومة فانه بذلك يقدم خدمة مجانية للحريري كونه سيضطر بعد عام ونيف على ان يسلم حكومته السلطة مع انتهاء ولاية رئيس الجمهورية.
لذلك فإن فريق العهد يتطلع اما الى حكومة بثلث معطل يستطيع التحكم بها وبقراراتها، او الى مزيد من تعطيل تشكيل الحكومة وتأجيل الانتخابات النيابية بما يمنح رئيس الجمهورية تمديدا مقنعا بسبب الفراغ الكامل في السلطتين التنفيذية والتشريعية، وطبعا فان مفتي القصر جاهز لتحضير الفتاوى الدستورية”.
مواضيع ذات صلة: