المجلس الأعلى للطائفة الكلدانيَّة في لبنان يدعم مواقف بكركي

اجتمع المجلس الأعلى للطائفة الكلدانيَّة في لبنان بحضور صاحب السيادة المطران ميشال قصارجي ورئاسة الأستاذ أنطوان حكيم ومشاركة المونسنيور رافائيل طرابلسي النائب الأسقفي العام وأعضاء المجلس الأعلى، وذلك في الدارة الأسقفية في بعبدا – برازيليا، وقد تناقشوا في أبرز المستجدّات على الساحة المشرقية ولا سيما في لبنان العزيز؛ على المحاور الإجتماعيَّة والسياسيّة والدينيَّة . إبّان اللقاء، أصدر المجتمعون البيان التالي :

أولاً : يشكر المجتمعون قداسة البابا فرنسيس الذي يخصُّ العراق والكنيسة الكلدانيَّة بزيارة لها أبعادُها ودلالاتُها الهامّة على كافَّة الصُعُد وينوّهون بدور غبطة البطريرك الكاردينال مار لويس روفائيل ساكو الكليّ الطوبى وجميع معاونيه مثنين على جهودهم الكثيرة وما يبذلونه في سبيل التحضير لهذا الحدث الوطني والروحيّ الهام.

ثانياً : ينوّه المجتمعون بمبدأ الحياد اللبناني كما ورد وصفُهُ في موقف بكركي، وكما عرّفته العلومُ السياسيةُ بحسب المفاهيم الموضوعيّة السليمة والعلميّة، ليبقى وطنُنا محافظاً على أفضل العلاقات مع دول المنطقة والمحيط والعالم بما في ذلك من ضمانةٍ وصيانةٍ لأمنه السياسي والإقتصادي وصيغته الإجتماعيّة والطائفية الفريدة والمميزة ودوره الرائد في مشروع مدّ الجسور بين الشرق والغرب وكرئة ومتنفَّسٍ حُرٍّ لشعوبِ الشرق الأوسط، كما ينوه المجتمعون بمواقف البطريرك الراعي في اللقاء الشعبي الوطني الذي جمع الآلاف في بكركي والذي أثنى المجتمعون على طروحات سيّد بكركي ودعى خلاله للقضايا الوطنية والمعيشية التي يعاني منها الشعب اللبناني.

ثالثاً : يؤكّد المجتمعون أنّ التأخير في تأليف الحكومة أمرٌ لم يَعُد يُطاق في ظِلِّ تأزُّم الأوضاع الراهنة ويحثّون أهل القرار أن يقوموا حالاً بتأليف حكومة أخصَّائيين لا سياسيين ترعى أمور الشعب المسكين مع الأخذ بعين الإعتبار حقوق الطوائف المسمّاة “أقليّات” .

رابعاً : شدّد اللقاء على ضرورة تكاتف جميع اللبنانيين لمواجهة تحدّيات الأزمة الرّاهنة غير راضخين للسياسات الخارجيّة والأجندات الأجنبيَّة بل مصغين لإلهامات الضمير الذي هو صوتُ الله المترددُّ في كيان الإنسان، عسانا بتضافر القوى، نكافح تأزُّم الوضع السياسي والشَّلل الحكومي الواضح والغلاء الجنوني والإرتفاع العشوائي في أسعار السِّلَع بما فيها الطعام والدواءُ والمحروقات، في ظِلِّ انتشار البطالة وتقهقهر القيمة الشرائية لليرة اللبنانية على نحوٍ لم تشهدهُ البلادُ في تاريخها الحديثِ.

خامساً : يتخوّف المجتمعون من مأساة إفراع لبنان من شبيبته وهي الشريحة التي تضمن مستقبله كما يحذّرون من تشويه مبدأ التعدديّة التي نصَّ عليها الدستور وهي صيانة حقّ المشاركة الفعليّة في الحكم.

سادساً : يُطالب المجتمعون الدولة اللبنانية بالتحقيق الجدّي والموضوعي لكشف هويَّة مرتكبي جريمة تفجير المرفأ في 4 آب 2020 والذي حوَّل العاصمة اللبنانية اثراً بعد عين كما يرفعون الصوت عالياً للتعويض الحقيقي عن المتضرَرين في أجسادهم وممتلكاتهم، كتعبيرٍ بديهيٍّ عن احترام مبدأ العدالة وصيانة الحقوق المدنيّة.

سابعاً : يرى المجتمعون أنَّ ما آلت إليه أحوالُ البلاد والعباد والتنافُر السياسي والتخاصم الحزبي والتحاصُص الطائفي – الفئوي ، نذير شؤم يُنبئ ربما يتقسيم مناطقيّ أو فدراليّ للبنان، بعد أن سُدَّت أبواب الحلّ وأُغلِقَت طاقاتُ الفرج، في ظَلّ تعنُّت الطبقة الحاكمة وعُقم المنظومة والتركيبة السياسية الحاضرة في أسلوب أدائها، من إيصال لبنان إلى موانئ الخلاص.

ثامناً : لذلك، يطالب المجتمعون بانعقاد مؤتمرٍ وطنيٍّ شامل، يجمع جميع الشرائح والأطياف والمكوّنات، برعاية الأُمم المتحدّة، بهدف إيجاد حلٍّ للوضع اللبناني المتأزم والحفاظ على كيان وهويَّة ودستور بلد الأرز. هذا المؤتمر، ولئن عُقِدَ برعاية الأُمم المتحدة، إلاَّ أنَّ المجتمعين يُطالبون بإقامته تحت مِظلَّة البطريركية المارونية التي كانت ولمّا تزَل، ترفع الصوت عالياً عند اشتداد الخطر وتحاول تصويب البوصلة حين تشارف سفينة الوطن على الضياع وتُخفِق في الإبحار نحو الهدف الصحيح المنشود.

لقد أكدَّ قداسة البابا فرنسنيس على دور لبنان الرائد وضرورة الحفاظ على هويّتة وخصوصيّته، وإنَّ المجتمعين لا يتوقّعون حلّ المشاكل الراهنة دون مبادارتٍ دوليَّةٍ منزّهةٍ عن الفئويّة والمصالح الضيّقة والأجندات المبطَّنة الخبيثة من شأنها أن تتجلى في مؤتمرٍ دولي يعالج مسألة وطننا على غرار ما حصل عام 1848 في مؤتمر فينّا (اعتماد نظام القائممقاميّتين) وعام 1861 في مؤتمر بيروت (اعتماد نظام المتصرّفية) وسنة 1919 (مؤتمر الصلح في باريس الذي عالج مبدأ قيام لبنان بحدوده الحالية) ومؤتمر الرياض والقاهرة الذي درس شأن ارسال قوّات الردع إلى لبنان (سنة 1976) ومؤتمر جنيف سنة 1983، لمحاولة حلّ الأزمة اللبنانية، ناهيك عن مؤتمر لوزان سنة 1984 واتفاق الطائف عام 1989.

في الأخير، إذ يأملُ المجتمعون أن يكون زمنُ الصوم مناسبة للتمييز والعودة إلى الذات والله والقريب، يسألون الله أن يُبعد عن المسكونة قاطبةً وعن لبنان الحبيب وباء الكورونا الفتّاك ويرجون أن يكون الفصحُ المرتقب بشيرَ أملٍ وفرجٍ ينهضُ فيه الوطنُ من كبوته .. لا بل من موته بقوة الذي انتصر على سلطان الظلام وقام من اللَّحد منتصراً غالباً.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal