قد تكون دموع أم البيرتو بالأمس، هي دموع كل أم مقهورة لهجرة اولادها..
هي صدّرت الاول والثاني وها هو آخر العنقود الطبيب البارع يحزم حقائبه مستقلاً الطائرة الى بلد اوروبي لتأسيس مستقبل بات ضائعاً في لبنان.
ليس دكتور رالف اول المغادرين ولن يكون آخرهم، فالسبحة تكر يومياً وهناك معلومات تؤكد هجرة نحو الف طبيب في اقل من ستة أشهر ونحو 500 ممرضا وممرضة مع عائلاتهم، ناهيك عن المهندسين والمحامين والصحافيين الى خريجين وخريجات في اكثر من اختصاص، ولولا الكورونا لكان فرغ لبنان من شبابه على حد ما يؤكد احد الراصدين لحركة الهجرة اللبنانية هذه الايام.
يؤكد احد الاطباء الشماليين الذي ينتظر قبول معادلة شهادته ليتمكن من العمل في الخارج في دردشة مع “سفير الشمال” انه كافح ليبني اسماً له في لبنان، وكان يعيش مستقراً مع عائلته حتى بداية الازمة الاقتصادية، اسفاً كونه سيترك مرضاه وعيادته وكل ما بناه ليؤسس في الخارج من الصفر ولكن افضل من البقاء وسط مستقبل مجهول.
ويكشف أن أتعاب الطبيب لم تعد تؤمن له حياة كريمة وليس بالإمكان زيادة التعرفة لأن وضع الناس جميعاً بات صعباً ويستدعي معالجة سريعة، لافتاً الى أن “سداد المستحقات يتأخر لنحو سنتين، وبتزامنه مع انهيار الليرة لم يعد بامكان الاطباء الاستمرار بعد أن فقدت العملة قيمتها بوجه الدولار، ناهيك عن أموال المودعين المحتجزة في المصارف ومن بينهم اطباء ايضاً، لذا نجد هذا المد من الهجرة والحبل على الجرار لأن القدرة على المكافحة وسط هذا الكم من الازمات بات مستحيلاً، فلا ادوية في السوق ويومياً نتلقى عشرات الاتصالات من المرضى لوصف ادوية بديلة، كما أن هناك نقصاً في المعدات الطبية يدفع الى تأجيل العديد من العمليات الجراحية، بالإضافة الى الضغوط الأمنية والنفسية والمعيشية والإقتصادية التي انهكت المواطن اللبناني وبات يحتاج الى اطباء نفسيين وأدوية أعصاب اكثر من احتياجه الى الاستشفاء وهو لا يقصد المستشفى او العيادة إلا على آخر نفس”.
من جهته القطاع التمريضي يئن ايضاً من الهجرة، ففرص العمل تراجعت في لبنان بعد انفجار المرفأ وتضرر أربعة مستشفيات تضرراً كبيراً بالتزامن مع الوضع المالي الصعب الذي ادى ببعض المستشفيات الى دفع نصف راتب او الاستغناء عن خدمات العديد من الممرضين والممرضات من اصحاب الشهادات العليا بحيث لم يعد امامهم لانقاذ وضعهم المعيشي الصعب سوى الهجرة.
وتؤكد نقيبة الممرضين والممرضات ميرنا ضوميط أن هناك نحو 600 ممرضا وممرضة هاجروا حتى الساعة رغم أنهم شكلوا خط الدفاع الاول في مواجهة كورونا ورغم الحاجة الى خبراتهم إلا أن اوضاعهم باتت صعبة في ظل الاوضاع التي يمر بها البلد.
دموع أم البيرتو لوداع ابنها الطبيب القاصد بلاد الله الواسعة لتأمين حياة افضل هي دموع كل ام يتحضر ابنها او ابنتها للرحيل، وهن كثر هذه الايام في غياب اي بارقة امل لاسيما في صفوف الجيل الجديد الذي هو مستقبل كل بلد حيث الهم الاوحد لهذا الجيل اليوم بناء مستقبله في اي بلد اخر غير موطنه متمنياً مرقد عنزة ولو في بلاد الماو ماو..
مواضيع ذات صلة: