أبو سعدى.. تاكسي الفقراء الذي مضى في مشواره الأخير… حسناء سعادة

قلة قليلة من الناس في زغرتا لم تعرف ″ابو سعدى″ او لم تسمع عنه، له مع العديد من اهالي المنطقة والقاطنين فيها من جنسيات اجنبية لاسيما من السوريين علاقات وصداقات وجولات في سيارته المرسيدس صعوداً ونزولاً الى اهدن وزغرتا.

انطانيوس بطرس المكاري ليس بسائق تاكسي عادي فهو مختلف في كل تفاصيل علاقته بهذه المهنة التي لم يعرف غيرها، ولكنها حملت اليه الشهرة وكشفت انسانيته وحضوره المحبب الى جانب تفانيه في تقديم خدمات على طول نزلاته وطلعاته على خط زغرتا ـ اهدن الذي كان يؤكد ان سيارته حفظته عن ظهر غيب، وانها بإمكانها ان تسير لوحدها بعد هذه السنوات الطوال التي افناها من عمره سائقاً وفياً لهذا الخط حتى في عز الثلوج، متندراً بانه في احدى الليالي وجد راكباً مقطوعاً على الطريق فسأله ان كان يعرف القيادة ليصعد بالسيارة الى اهدن بدلاً منه حيث ان المقاعد كانت مكتظة ولا يريد تركه على قارعة الطريق.

بالامس غاب ابو سعدى عن ميدان اهدن خطفته الكورونا بعد شهر من محاولاته للتغلب عليها، الا انها كانت قاسية وحرمت الفقراء من السائق المحب وصاحب النكتة الحاضرة والساعي ابداً ومن دون مقابل لايصال ما يود العديد من الاهالي ارساله او تسليمه الى احد بين البلدتين الاحب الى قلبه زغرتا واهدن.

يقول فؤاد يمين المرابض في اهدن صيفاً شتاءً والمحب لها على غرار ابو سعدى إن غياب هذا الرجل اوجع الجميع، فكل من يبقى في اهدن شتاء يحتاج الى خدمات هذا الانسان الذي لم يتردد يوماً في ايصال المأكولات والاحتياجات التي ترسلها الامهات لاولادهن خلال فترة التحضيرات للامتحانات ربيعاً حيث يقصد معظم الطلاب اهدن للمراجعة والتحضير للشهادات، كما كان يثابر على ايصال الجرائد يوميا الى اهدن وطوال ايام السنة، كاشفاً انه لم يكن يقبل ان يتقاضى اي اجر عن هذه الخدمات وانه لطالما ردد ان جميع من في البلدة اهله واولاده.

صفحات التواصل الاجتماعي غصت باخبار ابو سعدى واعماله التي ستبقى راسخة في وجدان اهالي اهدن الذين احبوه مثلما احبهم واطلقوا عليه اسم تاكسي الفقراء.

ويقول الناشط زياد مكاري ان ذكرى بو سعدى الجميلة طُبعت في نفوسنا ذكريات سيخلدها التاريخ ونعلّمها للأجيال القادمة.

ويلفت الى ان تاكسي بو سعدى حكاية بتنحكا للناس فمن منا لا يعرف هذا الشوفير الذي يزيد راكباً بقربه فوق القدرة الاستيعابية للسيارة حتى أصبح تاكسي “بو سعدى” مقولة يلفظها كل الناس فيضحكون مندهشين ومتعجبين…

فكل واحد منا أصبح يتمثل به، اي عندما تفوق سياراتنا قدرتها الاستيعابية فنقول: “شو مفكرني بو سعدى”؟!.

ابو سعدى لم يكترث يوماً قبل الكورونا في تحديد عدد ركاب سيارته فقد يتخطى الخمسة او الستة في المقاعد الخلفية واحياناً العدد نفسه في مقدمة السيارة وفي صندوقها، ليس حباً بالمال بل لتخفيض التعرفة وتقسيمها على مجموع الركاب ما يسمح لاي راغب بالتنقل بين المصيف والمشتى باقل كلفة ممكنة.

غاب “ابو سعدى” ومعه يغيب العديد من سمات الهمة والنخوة والاندفاعة التي ميزت الكثيرين من ابناء جيله في وقت بتنا فيه نحتاج اكثر فاكثر الى هذه الصفات في زمن بات صعباً على الجميع.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal