الحكومة تراوح مكانها: مؤشّرات داخلية متناقضة!… عبد الكافي الصمد

لم تلح أيّ بوادر جدّية تشير إلى إمكانية ولادة الحكومة قريباً، إذ ما تزال جميع الجهود التي تبذل، داخلياً على وجه التحديد، تدور في حلقة مفرغة، نظراً لأنّها إمّا لا تملك أيّ قدرات على فكّ عقد التأليف الكثيرة، وإمّا أنّها ما تزال تنتظر الضوء الأخضر الآتي من الخارج كي تعطي لتحرّكها دفعاً وزخماً ونتائج فعلية.

في السّاعات الأخيرة شهدت السّاحة الداخلية تحرّكات ومساعي ومواقف في أكثر من اتجاه بما يتعلق بتأليف الحكومة، بعضها إيجابي، ما أعطى إنطباعاً أوليّاً لدى بعض الأوساط بأنّ هناك توجّهاً جدّياً لترجمة هذه التحرّكات والمساعي على الأرض، والعمل على تأمين ولادة سريعة وقريبة للحكومة؛ لكنّ ذلك قابلته أجواء مختلفة ومتناقضة كليّاً عن الأجواء الإيجابية، ما وضع كثيرين في حيرة من أمرهم.

أولى الإشارات الإيجابية تمثّلت في زيارة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم للبطريرك الماروني الكاردينال بشارة الرّاعي، في بكركي، ومن هناك أعطى ابراهيم إشارة إيجابية لافتة بقوله إنّه “بحثنا في موضوع تشكيل الحكومة. أنا أتولى جزءاً من المساعي وغبطته يتولى الجزء الآخر”، من غير أن يكشف المزيد حول مساعيه، التي تزامنت مع اتصال تلقاه الرّاعي من رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، الذي أفادت معلومات أنّه جرى خلال الإتصال “البحث في موضوع تشكيل الحكومة، والنّقاش في المستجدات السّياسية”.

ثاني هذه الإشارات الإيجابية جاء من كتلة الوفاء للمقاومة، يوم أمس، حيث جدّدت موقف حزب الله وأمينه العام السيّد حسن نصر الله من أزمة تأليف الحكومة، إذ أمسكت العصا من وسطها، في محاولة لتقريب وجهات النّظر بين الأطراف المتنازعة، وتحديداً بين الحريري من جهة، ورئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس التيّار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل من جهة أخرى، في إشارة هامّة لا تخفى على وزن الحزب ودوره الفاعل داخلياً، لمّا أكدت الكتلة على “وجوب التوصّل بسرعة إلى تفاهم يفضي لولادة حكومة جديدة فاعلة ومنتجة، لا تكون أسيرة عدد من جهة، ولا مُهدّدة بعدم التوازن من جهة أخرى”، معتبرة أنّ “ضرر التأخير في تشكيل الحكومة أصبح أكثر بكثير من ضرر أيّ تنازل من شأنه أن يُسهم في تسريع ولادتها”.

لكن مقابل هذه الإشارات الإيجابية الهامّة كانت الإشارات السلبية لا تقلّ أهمية، وهي أعطت إنطباعاً أنّ موعد تأليف الحكومة ما يزال بعيداً، وأن مساعي تأليفها ما يزال إلى الآن يصطدم بعقبات وعراقيل بالغة التعقيد والصعوبة.

أولى الإشارات السلبية جاءت من الحريري، الذي أكدت أوساطه رفضه إجراء أيّ حوار جانبي مع باسيل، فهو “يقوم بما يمليه عليه الدستور بالإتفاق على تأليف الحكومة مع رئيس الجمهورية، وأنّ هدف باسيل من الحوار تأمين مستقبله السياسي، وأن يؤمّن له الحريري فوزه بانتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة، وهو أمر لن يفعله”، كاشفة أن “خلفية حيازة باسيل الثلث المعطل هي إبقاء الحكومة مشلولة ومعطّلة، وهدفها رئاسة الجمهورية وليس الإصلاح”.

أمّا ثاني هذه الإشارات السّلبية، فجاءت عبر تسريبات إعلامية نقلت عن “مرجعيات” أو “مسؤول كبير”؛ إذ أشارت التسريبات إلى اقتناع لديها بأنّ “أبواب المخارج والحلول شبه مقفلة، وهناك قدر كبير من التشاؤم، وأنّ صورة الملف الحكومي سوداوية جدّاً، لا يُرى فيها بصيص أمل بإمكانية التوافق والتفاهم على الحكومة، بسبب غياب العقلانية والموضوعية والشعور بالمسؤولية لدى القائمين على ملف تأليف الحكومة”.


مواضيع ذات صلة:


Post Author: SafirAlChamal