باسيل بلا جديد: الحسابات الخاطئة والضيّقة على حالها!… عبد الكافي الصمد

لم تخرج مواقف رئيس التيّار الوطني الحرّ النّائب جبران باسيل، أمس، عما توقعه أغلب القوى السّياسية والمراقبين من ذهابه بعيداً في مواقفه التصعيدية، مخيّباً بذلك ما ظنّه البعض بأنّ رئيس التيّار البرتقالي سيراجع الكثير من حساباته ورهاناته السياسية المختلفة، وبأنّ مهلة الأسبوع التي فصلت بين مواقفه ومواقف رئيس تيّار المستقبل الرئيس سعد الحريري، في 14 شباط الجاري، ستجعله يدقق أكثر بمواقفه، خصوصاً بعد مواقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يوم الثلاثاء الماضي، في 16 شباط الجاري، والتي عدّت وكأنّها مخرج للحريري وباسيل معاً، ومساعدة لهما في النّزول عن شجرة المواقف العالية التي صعدا إليها.

ففي كلمة تلفزيونية مطوّلة إستغرقت أكثر من ساعة، وأكثر من 4800 كلمة، أكد باسيل على مواقفه السابقة، وتضمّنت نقاطاً عدّة، أبرزها:

أولاً: رسّخت مواقف باسيل أمس الإنطباع بأنّ العقد الرئيسية التي تحول دون تأليف الحكومة ثلاثة: الاولى هي عدد الوزراء فيها من 18 أو 20 أو 22 أو حتى 24، وهي عقدة ما تزال تراوح مكانها منذ اليوم الأول لتكليف الحريري تشكيلها في 22 تشرين الأول الماضي. أمّا العقدة الثانية فتتمثل في كيفية توزيع الحقائب على الكتل والأحزاب والتيّارات السّياسية، ليس الحقائب السيادية فحسب، بل الحقائب الخدماتية الأساسية الستّ أيضاً التي تدور حولها معركة ضارية؛ بينما تكمن العقدة الثالثة في الثلث المعطل أو الضامن، ما يشير إلى انعدام الثقة بين الأطراف الأساسية المعنية بتأليف الحكومة.

ثانياً: أكّدت كلمة باسيل أمس تراجع خطاب التيّار الوطني الحرّ من الخطاب الوطني إلى الخطاب الطائفي، وتقوقعه فيه، وهو تراجع ليس إبن ساعته، بل نتيجة مسار إنحدر إليه تدريجياً منذ عودة مؤسّس التيّار من الخارج الرئيس ميشال عون إلى لبنان في عام 2005، إذ تدحرج التيّار البرتقالي من خطاب وطني جامع يدافع عن حقوق جميع أبناء الوطن، بلا استثناء، إلى خطاب طائفي لا يهمّه سوى الدفاع عن حقوق المسيحيين، ما جعل كثيرين من طوائف إسلامية تحديداً ينفضّون عنه تباعاً، ومحمّلين باسيل أكثر من غيره مسؤولية ذلك.

ثالثاً: تجدّد أمس السّؤال حول الدّفاع عن حقوق المسيحيين الذي يرفع باسيل وتيّاره لواءه، وإذا كان ذلك صحيحاً فلماذا استعدى ويستعدي باسيل كلّ الأحزاب والتيّارات السّياسية المسيحية الأخرى، حتى أنّه لم يبق له فيها صاحباً ولا حليفاً. وهو جدّد يوم أمس هذا العداء باستهدافه القوات اللبنانية والكتائب والمردة، ما جعل البعض يطرح أسئلة، أبرزها: كيف لمن يقول إنّه المدافع عن حقوق المسيحيين أن يعادي أكثر من نصفهم؟

رابعاً: بعد انسداد الأفق أمامه بما يتعلّق بحصوله على مطالبه بالحكومة المقبلة، من عدد وزراء معيّن وحقائب محدّدة، حاول باسيل الإيحاء بأنّه غير طامح إلى المشاركة في  الحكومة، لكن “عفّة” النفس هذه جعلها مشروطة باستجابة الآخرين في السلطة لشروطه ومطالبه الإصلاحية. لكن كيف لمن يرفع شعار التغيير والإصلاح ومكافحة الفساد، اليوم، أن يحصل على ثقة الرأي العام قبل ثقة أهل السلطة، وهو الذي تحالف سابقاً وعقد تسويات مع أبرزهم، تيّار المستقبل والقوات اللبنانية، من أجل الوصول للسلطة، قبل أن ينقلب عليهم.


مواضيع ذات صلة:


Post Author: SafirAlChamal