الأزمة اللبنانية: الحلّ في يد أميركا وفرنسا و″الشّركاء″… عبد الكافي الصمد

كان لافتاً أمس الخبر الذي تناقلته وكالات الأنباء عن إعلان مشترك صدر عن وزيري الخارجية الأميركي الجديد أنتوني بلينكن والفرنسي جان إيف لودريان، وإشارتهما وفق الخبر المذكور من أنّ “هناك حاجة ملحّة وحيوية لتأليف حكومة ذات مصداقية وفعالية في لبنان، والعمل على تنفيذ الإصلاحات اللازمة بما يتماشى مع تطلعات الشعب اللبناني”.

اللافت في الخبر أكثر من نقطة، الأولى أن الإعلان وزعته السّفارة الفرنسية في بيروت، بينما التزمت السفارة الأميركية الصمت حياله، وهو صمت مريب، ما يدلّ أنّ الفرنسيين وجدوا في الإعلان “حبل نجاة” لمبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ودعم من الأميركيين، الذين وُجّهت إليهم أصابع إتهام بأنهم عرقلوا المبادرة الفرنسية وأجهضوها في مهدها.

أمّا النقطة الثانية فهي أنّ الإعلان جاء في مناسبة مرور 6 أشهر على انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الماضي، ذلك أنّه ليس معهوداً من قبل التوقف عند حدث ما بمناسبة مرور نصف سنة عليه، لكن التغيير الذي طرأ في الولايات المتحدة الأميركية بانتخاب جو بايدن رئيساً جديداً خلفاً للرئيس السابق دونالد ترامب، فرض بشكل أو بآخر مقاربة من هذا النوع، بمعزل عن أسباب هذه المقاربة والنتائج المحتملة لها.

غير أنّ النقطة الثالثة تعتبر الأهم في الإعلان، ومفتاحه في آن معاً. فبعدما شدّد الإعلان الأميركي ـ الفرنسي المشترك حيال لبنان على ضرورة تأليف الحكومة وتنفيذ الإصلاحات، أكد أنّ “هذه الإجراءات الملموسة تظل ضرورية للغاية لفرنسا والولايات المتحدة، ولشركائهما الإقليميين والدوليين، لالتزام تقديم دعم إضافي وهيكلي وطويل الأمد إلى لبنان”.

العبارة أو الكلمة “المفتاح” في الإعلان المذكور هو الإشارة إلى “شركاء” الولايات المتحدة وفرنسا “الإقليميين والدوليين”، وليس “الحلفاء” كما جرت العادة في السابق، ما يعطي إشارة بالغة الأهمية إلى أنّ واشنطن وباريس يدركان جيداً أنّ هذه “الاجراءات الملموسة” لا يمكن تحقيقها وجعلها واقعاً من غير “الشركاء” في المنطقة والعالم، وفي ذلك إشارة مضمرة إلى كلّ من إيران وروسيا على وجه التحديد، لإدراك الطرفين في الولايات المتحدة وفرنسا، أنّه من غير الممكن إخراج الأزمة الحكومية في لبنان من عنق الزجاجة، وتنفيذ الإجراءات المطلوبة منها، إلا بالتشاور والتفاهم مع “شركاء” يتمتعون بنفوذ ولهم حضور في السّاحة اللبنانية والإقليمية، وبالتالي لا يمكن التوصّل إلى أي حلّ لمشاكل بلاد الأرز والمنطقة من دونهم.

بالطبع لا يعني ذلك أنّ الحكومة ستبصر النّور خلال أيّام، فالأمر ليس بهذه البساطة، لكنّه يشير إلى أنّ الملف اللبناني يحظى بعناية لدى الإدارة الأميركية الجديدة، إلا أنّ هذا الإهتمام لن يُترجم على الأرض قبل مرور وقت ليس بالقصير، بانتظار تحضير الملفات، وترتيبها وفق أولويات ليس الملف اللبناني على رأسها، وبالتالي فإنّ الإعلان الأميركي ـ الفرنسي المشترك ليس أكثر من محاولة لتبريد الأجواء بانتظار تبلور حلّ ما يزال يُطبخ في غرف صنع القرار في المنطقة والعالم.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal