سباق بين الحلّ والتّفجير: من يصل أولاً؟… عبد الكافي الصمد

إشارات متناقضة خيّمت فوق السّاحة اللبنانية مؤخّراً، أرخت بثقلها عليها، وتركت خلفها الكثير من الإرباك والغموض، بعدما عجز قسم كبير من الطبقة السّياسية فضلاً عن المراقبين والمتابعين من فكّ شيفرة ورموز هذه الإشارات.

جانبان إيجابي وسلبي حملتهما الإشارات المختلفة التي شغلت السّاحة المحلية خلال الأيّام الماضية. الجانب الإيجابي ترك إرتياحاً في مختلف الأوساط، كونه اعتبر مؤشّراً على خروج البلاد من الأزمة الإقتصادية والمالية والمعيشية والإجتماعية التي هدّدتها ودفعتها للإنزلاق بعيداً في حفرة الإنهيار، وجعلت مصير البلاد مجهولاً.

الإشارات الإيجابية تمثلت في أكثر نقطة، داخلية وخارجية. داخلياً وصل جميع الفرقاء إلى اقتناع أنّه لا بدّ لهم من تقديم تنازلات للتوصّل إلى نقاط تقارب علها تسهم بتقريب في وجهات النّظر بما يتعلق بالملفات المأزومة، وتحديداً ملف تأليف الحكومة، وأنّه لا بدّ لهم من النزول عن شجرة المواقف والسقوف العالية التي ورّطوا انفسهم بها خلال الآونة الأخيرة، والتي لمسوا أنّ تحقيقها مستحيل؛ أمّا خارجياً، فانّ العالم كله قد تنفّس الصعداء بعد خروج الرئيس الأميركي السّابق دونالد ترامب من البيت الأبيض، إلا أنّ الترقّب والإنتظار ما يزال سيّد الموقف لمعرفة حقيقة سياسة خلفه جو بايدن، خصوصاً بما يتعلق منها بمنطقة الشرق الاوسط، ولبنان.

ومع أنّ هناك شبه إجماع أنّ أيّ حلّ في لبنان لا بدّ له من تدخّل قوى إقليمية ودولية لفرضه، فإنّ هناك توافق في الرأي أنّ التقارب الداخلي من شأنه أن يُسهّل أيّ حلّ قد يأتي من الخارج، ويدفعه قدماً، ويبدو أنّ هناك بعض الملامح حول التقارب الداخلي بدأت بالظّهور، بعدما شعر الجميع أن المَبْرَد يقترب منهم كلهم بلا استثناء، وأنّ أيّ تعنّت من قبل أي طرف سيجعله أكبر الخاسرين عندما يحين أوان التسوية.

بالمقابل، فإنّ الإشارات السلبية كانت كثيرة أيضاً، داخلياً وخارجياً. داخلياً كانت تطوّرات الأحداث في طرابلس خلال الأيّام الماضية، وتجاوزها الخطوط الحمر بعد أعمال الشغب والفوضى التي شهدتها، إعتراضاً من قبل محتجين على قرار الحكومة تمديد الإقفال العام بسبب تفشّي فيروس كورونا حتى الثامن من شباط الجاري، وأدّت إلى الإعتداء على سرايا المدينة وإحراق المحكمة الشرعية فيها، وكذلك إحراق مبنى البلدية، في تطوّر أمني غير مسبوق بهذه الخطورة في تاريخ المدينة، ما دفع المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم إلى التحذير من أنّ “الفوضى والتفلّت في الشّارع في مدينة طرابلس، قد يسمح لخلايا تنظيم داعش باستغلال هذه النافذة ويدخلوا منها إلى السّاحة اللبنانية”.

أمّا الإشارات السلبية الخارجية فتمثلت في بقاء الأطراف الإقليمية والدولية المتصارعة على السّاحة اللبنانية على مواقفها التصعيدية، إضافة إلى أنّ الملف اللبناني لن يكون في رأس الملفات التي ستبحثها هذه الأطراف إذا ما جلست على طاولة المفاوضات، الأمر الذي يعني أن فترة إنتظار طويلة سيبقى لبنان رهينة فيها.


مواضيع ذات صلة:


Post Author: SafirAlChamal