تأليف الحكومة ينتظر أسبوعاً آخر وأبواب الحلّ مغلقة… عبد الكافي الصمد

حصل ما كان متوقعاً، وجرى تأجيل الإستشارات النيابية المُلزمة أسبوعاً كاملاً من يوم أمس الخميس حتى يوم الخميس المقبل، في 22 تشرين الأول الجاري، ما يعني، مبدئياً، أنّ الشخصية التي ستكلف تأليف الحكومة المقبلة لن تعرف، رسمياً، قبل ذلك التاريخ، وإنْ كانت أغلب المؤشرات تقول إنّ الرئيس سعد الحريري هو الأوفر حظّاً.

وبرغم ذلك، فإنّ حصول مفاجآت جديدة مثل تكرار مشهد تأجيل الإستشارات أو دخول تطوّر ما على خطّ التكليف، أمر ليس مستبعداً، في بلد لم يعرف في تاريخه الإستقرار، السياسي تحديداً، طريقه إليه إلّا نادراً.

فالمشهد السّياسي في لبنان في الساعات الـ48 الماضية كان دراماتيكياً، وكشف عن إنقسامات عميقة وانعدام الثّقة بين المكوّنات السّياسية في البلاد، ما اثار جدالاً سياسياً ودستورياً واسعاً حول ما حصل، لجهة تأجيل الإستشارات النيابية المُلزمة أسبوعاً، من غير أن يلوح في الأفق القريب أي بوادر أمل أو حلّ بإيجاد مخارج للأزمات العميقة في البلاد، وتحديداً أزمة تشكيل الحكومة.

في ضوء ما حصل في اليومين الماضين، وما رافقهما من تشنّج سياسي وتبادل إتهامات، طُرحت أسئلة كثيرة حول كيفية الخروج من المأزق الذي وقع فيه الجميع، وهل يأتي الحلّ من الداخل، وهو أمر لم يحصل في تاريخ لبنان إلا نادراً، أم يأتي من الخارج كما كان يحصل دائماً، مع الأخذ بعين الإعتبار، هذه المرّة، أن الخارج المعني بالملف اللبناني مشغول بأزمات عدة، كما أنّه غير موحّد الرؤية والموقف بما يتعلق بمعالجة أزمة لبنان، ما يعني أحد أمرين: إمّا إبقاء الملف اللبناني على الرفّ بانتظار نضوج طبخة الحلّ فيه، أو حصول تطور دراماتيكي في لبنان يدفع الخارج إلى التدخل للجم الوضع وعدم ذهابه نحو المجهول وخروجه عن السيطرة.

من هنا وحتّى يوم الخميس المقبل تبدو الأيّام الستّة طويلة جدّاً، ذلك أنّ تعقيد مسألة تكليف شخصية لتأليف الحكومة المقبلة على النّحو الذي آلت إليه، جعلت إقتناعاً يترسّخ لدى كثيرين بأنّ الأبواب الموصدة أمام الحلّ لن تفتح بسهولة ولا في وقت قريب، نظراً للتشنّج السّياسي الواسع، والتباعد في المواقف الحادّة بين القوى والأحزاب السّياسية في الآونة الأخيرة، وعدم نجاح أيّ مسعى في تقريب وجهات النظر، كلّها أمور تجعل من إمكانية تبلور مخرج في ما تبقى من أيّام، حتى الخميس المقبل، مستحيلاً.

فالحلّ المرتقب يحتاج إلى توافر ظروف وأجواء ملائمة له، تسمح لمن اتخذوا مواقف سياسية متشنّجة أن ينزلوا عن الشّجرة، أو أن يتطوّع من يساعدهم في ذلك، وأن يُقدّم جميع الأطراف دون استثناء، تنازلات متبادلة، لأن أيّ تراجع من قبل أيّ طرف أمر غير وارد عنده لأنّه يبدو إنتحاراً سياسياً له، وتبريد الأجواء السّاخنة سياسياً وشعبياً للإسهام في دفع الأمور فعلياً إلى الحلّ، وقبل هذا وبعده وجود توافق خارجي فعلي في ذلك، وهو ما لا يبدو متوافراً حتى الآن، ما يُبقي لبنان متأرجحاً بين استقرار لا يصل إليه، وانفجار يقف منتظراً على الأبواب.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal