حلفاء الحريري يقطعون طريق عودته إلى السرايا الحكومي… عبد الكافي الصمد

لم تكد تمضي ساعات قليلة على إعلان الرئيس حسّان دياب إستقالة حكومته، في 10 آب الجاري، بعد أيّام من إنفجار مرفأ بيروت في الرابع من الشّهر نفسه، حتى تسارعت التكهنات والترجيحات التي صبّ أغلبها لمصلحة الرئيس سعد الحريري بتأليفه الحكومة الجديدة، غير أنه رفع على الفور شروطاً وضعها على الطاولة لقاء قبوله العودة إلى السرايا الحكومي مرّة جديدة.

لكن إشارات ورسائل سياسية عدّة سرعان ما وصلت إلى الحريري، داخلياً وخارجياً، تفيد أنّ تسميته رئيساً مكلّفاً لتأليف الحكومة المقبلة لا يلقى قبولاً، لا بل إن فيتوات عدّة وضعت عليه، داخل لبنان وخارجه، ما دفعه والمقربين منه إلى الإلتزام بالصمت، بعدما وجدوا أن حساب “حقل” تأليف الحكومة المقبلة هو غير حساب “بيدر” الحريري وفريقه.

هذه الفيتوات التي شكّلت للحريري وفريقه وتياره السياسي مفاجأة أصابتهم معها بالصدمة التي لم يستفيقوا منها بعد، لأنّها جاءت من أبرز حلفائهم، وتحديداً القوّات اللبنانية والحزب التقدمي الإشتراكي، فضلاً عن تحفّظ ليس خافياً من التيّار الوطني الحرّ، بينما كانت المفاجأة أنّ الثنائي الشيعي المتمثل في حزب الله وحركة أمل، إضافة إلى تيار المردة وبقية حلفائهم يؤيدون عودة الحريري إلى الرئاسة الثالثة مجدّداً، فضلاً عن كتلة الوسط المستقل وآخرين.

هذه المعادلة في الإصطفاف السياسي كان توقعها حتى الأمس القريب مستحيلاً، خصوصاً بسبب الإنقسام السياسي عمودياً بين فريقي 14 آذار الذي كان تيار المستقبل عموده الرئيسي إلى جانب القوات والإشتراكي وسواهما، بينما كان الثنائي الشيعي العمود الرئيسي لفريق 8 آذار، وذلك منذ عام 2005 وحتى سنوات قليلة مضت.

ففي حين كان الحريري، وفق تسريبات، يضع شروطاً لقبوله تأليف الحكومة المقبلة، أبرزها عدم مشاركة حزب الله ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل فيها، تلقى طعنتين في الظهر من حليفيه، القوات والإشتراكي، ما أبقى شروطه بلا معنى، وجعلت قبول الآخرين به رئيساً مكلفاً مرتبطاً بشروط ينبغي عليه قبولها قبل تسميته، أي أنّه أصبح في موقع الذي تُملى عليه الشروط، وليس العكس.

فبعدما اعتبر النائب في كتلة القوات بيار أبو عاصي أنّ “سعد الحريري لم يعد المُنقذ والأمر أصبح يقف بالنسبة إلينا على الطرح والتركيبة”، في تأكيد على موقف القوّات السلبي من تسمية الحريري المستمر منذ عام 2018، ودفع مناصري الأخير إلى وصف رئيس القوات سمير جعجع بـ”الخائن” في يافطات رفعوها في طرابلس؛ أكد عضو كتلة الإشتراكي النائب وائل ابو فاعور أنّ “موقفنا حاسم، ولن نسمّي الحريري لرئاسة الحكومة”، بعدما كان رئيس الإشتراكي وليد جنبلاط يُغرّد أنه “بالنسبة لموقفنا، فلا علاقة له بأي تيار سياسي آخر، ولا ندين لأحد بأي جميل. إن نتائج الإنتخابات السابقة خير دليل أنّ ما من أحد بادلنا الأصوات”، في إشارة واضحة إلى الحريري وتيار المستقبل قبل أي طرف آخر.

لكن سبباً رئيسياً آخر، خارجي، ما يزال يمنع الحريري من العودة لرئاسة الحكومة، هو تحفّظ السعودية عليه (يشاع بأنّ موقفي القوات والإشتراكي جاءا بايعاز سعودي)، في إشارة إلى عدم رضى المملكة عليه منذ أزمته معها عام 2017، عدا عن الحركة اللافتة لشقيقه بهاء التي تبدو موجهة إليه شخصياً قبل أي أحد آخر، وهي عوامل تسهم كلّها بمنع، أو تأخير، عودة الحريري للسرايا الحكومي الكبير، وتجعل مسألة تأليف الحكومة المقبلة غامضة بانتظار كلمة السرّ التي لم تأتِ بعد.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal