التعليم عن بُعد يضاعف الأزمة.. إرحموا الطلاب وأنهوا العام الدراسي… غسان ريفي

في زمن الكورونا، وفي زمن حظر التجول الذاتي والحجر المنزلي، وفي زمن الجوع والخوف على المصير، وفي زمن “وبشر الصابرين” بعدما دعا رئيس الحكومة حسان دياب اللبنانيين الى الصبر، تأبى وزارة التربية والتعليم العالي وبغطاء من الحكومة إلا أن تكابر وتصر على إعتماد مبدأ التعليم عن بُعد، محاولة بذلك وضع لبنان في مصاف الدول المتقدمة والمتطورة، ومتناسية في الوقت نفسه أنه لا يمتلك أي من مقومات وقدرات وإمكانات تلك الدول، ما يجعل التعليم عن بُعد بمثابة عقاب للطلاب يصل الى حدود الاجرام بحقهم.

لم يفهم أحد من اللبنانيين العبقرية التي تفتقت فجأة مع وزارة التربية التي تتعاطى مع الطلاب اللبنانيين على إختلاف مراحلهم التعليمية بشكل منفصل تماما عن الواقع، وكأن الوزير وأركان الوزارة يعيشون في كوكب آخر، ولا يعلمون أزمات البلد المتشعبة والمتعددة..

كثيرة هي المعوقات التي تمنع نجاح تجربة التعليم عن بُعد في لبنان، وتجعل كل ما تقوم به وزارة التربية عبارة عن تضييع وقت، ومحاولة لذر الرماد في عيون الطلاب الذين أجمع معظمهم على أن التجربة كانت فاشلة بكل ما للكلمة من معنى.

لم يأت فشل هذه التجربة من فراغ، بل من وقائع قائمة ترخي بثقلها على كل اللبنانيين، والطلاب جزء منهم، لا سيما على صعيد إنقطاع التيار الكهربائي والتفاوت في التقنين، وغياب التغذية عن مناطق جردية نائية لأيام، وعدم القدرة على تأمين إشتراك، وضعف الانترنت، وعجز أكثرية المواطنين عن تأمينه، وفي حال تمكنوا فغالبا ما يكون الارسال ضعيفا وغير مجدٍ، ما يحرم الطلاب من المساواة وتكافؤ الفرص في تأمين مستلزمات التعليم عن بُعد الذي لم يعد خافيا على أحد أنه يتطلب تأمين تيار كهربائي دائم، وإنترنت مجاني مفتوح وبسرعة قوية وهذه أمور غير متوفرة حتى الآن.

لا يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل ثمة صعوبات إضافية حول إستيعاب الطلاب للدروس التي تحتاج الى أجواء هادئة غير متوفرة في كثير من المنازل، علما أن أغلب الطلاب كانوا يستمعون الى شروحات الأساتذة في الصفوف التي كان يتوفر فيها الهدوء والراحة وإمكانية التواصل مع الأستاذ للاستفسار عن أية معلومة غير واضحة، ورغم ذلك كانت نتائجهم غير مرضية، فكيف اليوم في ظل كل هذه الصعوبات، فضلا عن الشكوك في قدرة المعلم على إيصال الفكرة الى كل الطلاب في ظل إنقطاع التواصل بينهم وبينه، علما أن في لبنان أنظمة تعليمية متعددة لا تشبه بعضها البعض، ولكل من أساتذة المدارس طريقة وأسلوب ما يضع الطلاب تحت ضغوطات لا يمكن لأي كان تحملها في ظل المخاوف الصحية والأزمات الاجتماعية والانسانية الناتجة عنها.

اللافت أن كثيرا من الطلاب إعترضوا على هذا الاسلوب في التعليم، ومنهم من وجه رسائل الى مديري مدارسهم والى الوزارة ومنهم من عبر عن غضبه على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد وجدوا تعاطفا كبيرا من أساتذتهم الذين تعاطفوا معهم.

ولعل الرسالة الأكثر تعبيرا هي التي وجهتها إحدى الطالبات لكل المعنيين بالتربية، وهي تبكي على مستقبلها المجهول، وعلى دولة تفكر أنها تخدم طلابها، داعية إياها الى تأمين الكهرباء والانترنت والى التفكير في الطلاب الذين لا يملكون هواتف.

ويقول أحد الأساتذة: التعليم عن بعد ممكن، لكن شرط أن يكون هناك إستقرار في الكهرباء وسرعة في الانترنت المجاني، وأن يصار الى تخصيص قناة يوتيوب لتمكين الطلاب من إعادة مشاهدة الحلقة، وأن يكون هناك أسلوب واحد في الشرح يراعي الفروقات والتفاوت بين المدارس وإلا فعبثا نحاول.

أمام هذا الواقع، يبدو واضحا أن وزارة التربية ما تزال تتعاطى مع مستقبل الطلاب بإرتجال، وهي بدل أن تكحلها.. تعميها بالتعليم عن بُعد، وبما أن التعبئة العامة تحولت الى حظر تجول ذاتي، وبما أن عداد الكورونا يزداد يوميا، فإن الأزمة الصحية مستمرة وستتصاعد، ما يعني أن كل إجراءات وزارة التربية هي لزوم ما لا يلزم، وما عليها القيام به هو أن ترحم طلاب لبنان وأن تنهي العام الدراسي.


مواضيع ذات صلة:

  1. من يحاول إلباس طرابلس قناعا جديدا ليس لها؟… غسان ريفي

  2. هل ترك جهاد الصمد اللقاء التشاوري؟… غسان ريفي

  3. الى بعض ثوار طرابلس.. لا تُعيدوا تجربة ″قادة المحاور″!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal