الحكومة الجديدة أمام مسؤولياتها!… عبدالله خالد

اليوم وبعد أن بدأت الحكومة مهامها بإعداد البيان الوزاري الذي من المفترض أن تنال على أساسه ثقة المجلس النيابي مطلوب منها أن تستعيد ثقة المواطن المفقودة وهذا يستدعي الإنتقال من مرحلة الكلام ونثر الوعود والمماطلة في تنفيذها إلى مرحلة الفعل في وقت يتزايد فيه العنف وتزداد معه حدة الأزمات على أكثر من صعيد.

الأمر المؤكد أن تبني المطالب الشعبية التي طرحها الحراك في أيامه الأولى والعمل على تنفيذها بسرعة عبر خطة عمل مرحلية تشكل أولوية لكسب التيار العابر للطوائف والمذاهب والمناطق الذي شكل البداية الموضوعية للخروج من نفق الإنقسام الذي حوّل مكونات الوطن إلى جماعات عنصرية ترفض المواطنة وتصر على منع التحول إلى دولة مدنية تحقق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين أبنائها.

وإذا كانت الشبكة الحاكمة تصر على بقاء الأوضاع منذ الإستقلال والطائف حتى اليوم مع ما يعنيه من استمرار للأزمات المتلاحقة التي شهدتها البلاد حتى اليوم والتي أوصلتها إلى الإنهيار فإن الواجب يفرض علينا أن نجعل عبر الحكومة الجديدة بداية لجمهورية ثالثة تتلافى الثغرات التي حدثت خلال جمهوريتي الإستقلال والطائف وتبدأ مرحلة جديدة تنهي الإقتصاد الريعي بكل ما يتضمنه من فساد وهدر ونهب واستباحة للدستور والقوانين والمؤسسات وتستعيد دورها في المحيط والمنطقة والعالم.

الواقع أن لبنان بصيغته السابقة وشبكته الحاكمة ونظامه الطائفي-المذهبي- العنصري- الريعي لم يعد قابلا للحياة بعد أن سقطت كل المحرمات بحيث أصبح السابع عشر من تشرين الأول نهاية مرحلة وبداية مرحلة جديدة. يكفي أن نتذكر أنها بدأت سلمية مطلبية وانتهت عنفية تنكرت لمطالبها وغرقت في معارك عبثية عبر قطع الطرقات التي حولت لبنان إلى كانتونات وزادت الفقر والبطالة لندرك المأساة التي وصلت إليها البلاد بعد أن أصبح الهدف تكريس التشرذم وصولا إلى خدمة مخططات لا علاقة للبنانيين بها لندرك الفارق بين البداية والنهاية بعد أن تخلت عن مطالبها المحقة ولم تستطع أن تسقط الأغلبية التي أفرزتها الإنتخابات النيابية الأخيرة وخاب أمل البعض بعودة الرئيس الحريري بعد أن نجح الرئيس دياب- بمعاونة من كلفه- في تشكيل الحكومة وإن سادت عملية التكليف مفارقات كثيرة.

على صعيد آخر نجح الرئيس دياب في تقديم نفسه بعد إعلان التشكيلة الحكومية بصورة مرضية خصوصا بعد أن تبنى المطالب المحقة التي طرحها الحراك في أيامه الأولى وتعهد بتحقيق أمور كثيرة يأمل اللبنانيون أن تتحقق. وإذا كانت اللجنة الوزارية المكلفة بإعداد البيان الوزاري قد بدأت عملها أمس إلا أن المطلوب أن لا يتحول إلى حبر على ورق وأن يأخذ طريقه إلى التنفيذ فورا لإستعادة ثقة المواطن بالدولة التي أصبحت مفقودة اليوم.

لا شك في أن إعادة فتح الطرقات بشكل نهائي ودائم والتفريق بين الحراك السلمي والعنف الذي يمارسه البعض، وقيام الجيش والقوى الأمنية بوقف الإعتداء على المرافق العامة يشكل أولوية ملحة وكذلك احترام الدستور والقوانين والحرص على استقلالية القضاء وتلبية الحاجات الملحة للمواطن ووقف الإرتفاع الجنوني في الأسعار وإنهاء مهزلة إغلاق الجامعات والمدارس وكذلك حل أزمة عدم قدرة المواطن على استعادة أمواله نتيجة سياسة المصرف المركزي والمصارف غير المنطقية وأمور كثيرة أخرى يفترض أن تنطلق من تبني رؤيا إقتصادية واضحة المعالم تركز على الإقتصاد المنتج وتهتم بمعالجة الوضع الإقتصادي-الإجتماعي المنهار وتعتبر استعادة العلاقة مع الجوار العربي أولوية قصوى يحتاج إليها لبنان بالدرجة الأولى، والتخلي عن سياسات ثبت فشلها والتي يشكل التمسك بها انتحارا حقيقيا.

وإذا كان الحراك قد شكل مرحلة متقدمة في تاريخ لبنان إلا أن تشكيل قوة شعبية ضاغطة تتابع عملية التنفيذ وتضغط لإنجازها بسرعة يفترض أن تتبلور معالمها بسرعة تشكل ضمانة جادة لمستقبل واعد للبنان.



مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal