سجال سياسي لن يٌنير لمبة في عتمة قاسية مقبلة… عبد الكافي الصمد

كالعادة، وبدل أن ينشغل المسؤولون في لبنان بمتابعة قضايا المواطنين ومعالجتها، وتخفيف الضغط عن كواهلهم، إنشغلوا بالسجالات في ما بينهم، وأشغلوا قسماً كبيراً من اللبنانيين بها، وحوّلوا الأنظار عن لبّ المشكلة إلى قشورها.

فقبل أيام نشرت تقارير عن بوادر أزمة إعتمادات مالية تعاني منها شركة كهرباء لبنان، وأن برنامج تقنين قاس للتيار الكهربائي ينتظر اللبنانيين لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، وأن التغذية بالتيار الكهربائي خلال هذه الفترة لن تزيد على 8 ساعات يومياً، بسبب نقص في الإعتمادات المالية لدى الشركة.

هذا الخبر كان له وقع الصدمة على اللبنانيين، الذين كانوا يأملون تخفيف ساعات التقنين في فصل الشتاء المقبل، لمساعدتهم في مواجهة البرد القارس المقبل، ومساعدة أبنائهم في متابعة دروسهم على نور الكهرباء، وليس الشموع كما فعلوا هم من قبل، وكأنه كتب على اللبنانيين أن لا ينعموا بنور الكهرباء على مدار الساعة مثل بقية خلق الله.

منذ نشر خبر أزمة التقنين المقبلة، بدأ اللبنانيون يضربون أخماساً بأسداس، وشرعوا يعدّون العدّة لمواجهة الظلام الدامس المقبل، كلّ حسب طاقته، من ترشيد إستهلاكهم الطاقة والتيار الكهربائي عبر مولدات الكهرباء الخاصة التي باتت فواتيرها تقصم ظهرهم، وشراء مولدات كهرباء خاصة، أو تركيب بطاريات إنارة، أو العودة لزمن الشموع وقناديل الغاز والكاز وسواها.

أفكار المواطنين هذه في اتباع أساليب لمواجهة أزمة التقنين المقبلة عائدة لأنهم فقدوا الأمل والثقة بالمسؤولين، الذين لن يكلفوا أنفسهم عناء إيلاء هكذا موضوع حيوي الإهتمام، لأنهم لا يضعون هكذا قضية في سلم أولوياتهم.

وبالفعل، فإن حدس المواطنين لم يخطىء، إذ سُجّل يوم أمس سجال واسع، على خلفية أزمة الكهرباء، بين وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل، المحسوب على التيار الوطني الحر، مع النائب ياسين جابر المحسوب على كتلة التنمية والتحرير، دخل معه رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط على الخط.

فالنائب جابر أزعج التيار البرتقالي عندما انتقد رفض وزارة الطاقة والمياه عرض شركة “سيمنز” الألمانية لإنتاج الكهرباء في لبنان، واتهم جابر الوزير أبي خليل بأنه “ردّ عليّ بأمور لا معنى لها”.

واتهم جابر الوزير أبي خليل ومن يمثل سياسياً بأنهم “للأسف الشديد ضيّعوا على لبنان فرصة عظيمة. فجميع الدبلوماسيين في الأمم المتحدة يسألون كيف ترفضون عرض شركة سيمنز، وكيف تعاملون المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بهذه الطريقة، هل أنتم مجانين في لبنان؟، مشدّداً على أنه للأسف الشديد هذا العهد سيدمر لبنان بشكل غير مقبول. والآن عشية جلسة الإثنين التشريعية، يضغط رئيس الجمهورية ووزير الطاقة كي ينالا 500 مليون دولار، غير المليار والنصف دولار، ليؤمنا الكهرباء لعدد من الساعات حتى نهاية 2018. للأسف الشديد البلد تؤخذ إلى الهاوية.

كلام جابر سرعان ما نال دعماً ومؤازرة من جنبلاط، الذي قال: ليت المعنيين يسمعون ما قاله ياسين جابر. صوت مدوي ينضم إلى الحريصين على المصلحة العامة، يفضح مهزلة البواخر التركية التي هي أحد الأسباب الرئيسية للعجز والدين العام.

لكن كلام جابر وجنبلاط لم يمرّ مرور الكرام عند أبي خليل، الذي ردّ متمنياً لو أن الأصوات الوطنية لجأت إلى الوقائع والمحاضر، بدل الشائعات والقيل والقال، مضيفاً: “إذ لم نعد نعرف ماذا تريدون: إتباع الأصول، أو التراضي كما تعوّدتم”، وخاتماً: إستطراداً شركة سيمنز لم تشارك في أي مناقصة.

ردّ أبي خليل إستدعى ردّاً من جنبلاط الذي لفت إلى أن كلامه ليس من باب الحقد، كما تقولون، بل من باب الحرص على المصلحة العامة كما قصد ياسين جابر، مضيفاً: ليتكم أخذتم بملاحظات منير يحيى، التي أدلاها آنذاك بحضور رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، لكنكم قررتم تجاهلها، لأن س .م . فوق الجميع على ما يبدو.

وهكذا، إنشغل اللبنانيون بسجال سياسي لن ينير لمبة واحدة في عتمة قاسية ومقبلة، وبالتساؤل عن هوية س. م. الذي أشار إليه جنبلاط.

Post Author: SafirAlChamal