تصعيد يقابله تصعيد.. ومساعٍ لتجنيب المنطقة حربا مفتوحة؟!… غسان ريفي

يسير التصعيد ومحاولات التهدئة في خطين متوازيين، ومن يسبق منهما يرسم مستقبل المنطقة برمتها، خصوصا بعد التطورات الأخيرة التي شكلت رسائل واضحة للأميركيين والاسرائيليين معا، وأكدت في الوقت نفسه أن غزة ليست وحدها، وأنه من غير المسموح إستفرادها كما من غير المسموح إستفراد حركة المقاومة الاسلامية حماس.

لا شك في أن المقاومة الفلسطينية وبالرغم من الحصار بالحديد والنار والمجازر التي يرتكبها العدو الاسرائيلي ما زالت تتحرك بحرية تامة فتضرب وتقصف وتصيب الأهداف، الأمر الذي يضبط جبهات محور المقاومة، باستثناء لبنان حيث يقوم حزب الله برد دقيق ومركز وموجع على العدوان الاسرائيلي على الأراضي اللبنانية وإستهدافه المدنيين والصحافيين.

لا شك في أن زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن الى فلسطين المحتلة وإعلان وقوفه ودعمه الكاملين للكيان الغاصب وترجمة ذلك بإرسال كميات هائلة من الأسلحة والعتاد للجيش الصهيوني لاستخدامها في حربه على غزة، وفي الاجتياح البري الذي ما يزال في علم الغيب بفعل الخوف الأميركي والاسرائيلي من نتائجه السلبية، قد جوبه بتصعيد تمثل باستهداف بارجة أميركية قبالة ساحل اليمن، وقاعدة عين الأسد في العراق، وتمركزا للقوات الأميركية في شرق الفرات، إضافة الى إطلاق صواريخ من سوريا بإتجاه الجولان المحتل، وذلك في رسائل واضحة للأميركيين بأن مصالحكم وإسرائيل تحت مرمى صواريخ محور المقاومة، وبالتالي فإن أي تصعيد سيقابل بتصعيد مماثل.

في غضون ذلك، ما تزال المقاومة الاسلامية في لبنان ترد على العدوان الاسرائيلي على الأراضي اللبنانية بقصف دقيق على المراكز والتجمعات العسكرية الاسرائيلية حيث توقع الكثير من الخسائر، الأمر الذي يربك الجيش الاسرائيلي الذي إضطر لجمع نصف قواته في الشمال، وتفريغ المستوطنات من ساكنيها ووضع دفاعات بعمق يصل الى حدود 7 كلم، ولا شك في أن إصرار المقاومة على إصدار البيانات المتتالية حول العمليات التي تقوم بها على مدار الساعة، يؤكد حرصها على القيام بضربات محددة والاعلان عنها بشكل واضح لعدم إعطاء العدو أي ذريعة لتوجيه إتهامات باطلة من هنا أو هناك، في حين تستمر فصائل المقاومة الفلسطينية بمحاولات التسلل عبر لبنان وإطلاق صليات صاروخية بين الحين والآخر.

هذا الواقع، أدى الى تفعيل الاتصالات الدولية مع لبنان لثنيه عن الدخول في الحرب، ما يعكس خوفا حقيقيا من قدرات المقاومة وتأثيرها على إسرائيل، وفي هذا الاطار، ومنذ اليوم الأول لعملية طوفان الأقصى، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي يستقبل يوميا في السراي الحكومي العديد من الوزراء والسفراء والمبعوثين الأجانب والعرب الذين يحذرون من التصعيد، وهو تلقى أمس إتصالا هاتفيا من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن جرى خلاله البحث في الأوضاع الراهنة، كما لا يتوانى الرئيس ميقاتي عن التواصل اليومي مع كثير من القيادات في العالم لردع إسرائيل عن مواصلة عدوانها، مع التأكيد بأن “لبنان لا يريد الحرب لكنه في النهاية لا بد وأن يدافع عن تفسه”.

في المقابل، تتكثف الوساطات العربية والغربية لوقف العدوان على غزة وإدخال المساعدات الانسانية كونهما يشكلان المدخل الأساس لإعادة الهدوء والاستقرار الى المنطقة وخصوصا في الجنوب اللبناني، وقد كان لافتا أمس الوساطة القطرية التي أثمرت عن تجاوب حماس بإطلاق سراح رهينتين أميركيتين (أم وإبنتها) لأسباب إنسانية، وهذا الأمر قد يبنى عليه في الأيام المقبلة، وقد يُنتج وساطات إضافية ربما تساهم في تبريد الأجواء.

في غضون ذلك، تتجه الأنظار اليوم الى مصر حيث يعقد الاجتماع الدولي للبحث في آلت إليه الأوضاع في غزة، حيث سيكون على جدول أعماله سلسلة بنود أبرزها وقف العدوان على غزة، وإدخال المساعدات، ومنع التهجير الفلسطيني، وإطلاق الأسرى، ولا شك في أن هذا الاجتماع يكتسب أهمية بالغة، خصوصا أن أكثرية المشاركين فيه باتوا على قناعة بأن الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة ليس لها أي أفق ولن تحقق أية نتائج، وفي حال حققت بعض التقدم فإن ذلك سيشعل المنطقة بحرب مفتوحة لا أحد يمكن أن يتكهن بتداعياتها الكارثية.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal