لودريان في جولته الثالثة: هل انتقلت المهمّة إلى البخاري؟… عبد الكافي الصمد

إشارتان صدرتا عن الموفد الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان كشفتا، بما لا يقبل الشّكّ، أنّه لا يحمل جديداً في جعبته، وأنّه جاء إلى لبنان “رفع عتب” لإكمال المهمة التي كُلّف بها، وهي تسهيل إنتخاب رئيس جديد للجمهورية وإنهاء الفراغ المستمر في سدّة الرئاسة في قصر بعبدا منذ أكثر من عشرة أشهر ونصف تقريباً، إنّما من غير أن يمتلك أدوات الحلّ أو تفويض القوى الخارجية والداخلية المعنية لوضع الحلّ على السّكّة.
الإشارة الأولى صدرت عن لودريان بعد لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في مستهل زيارته، حيث أدلى بتصريح مقتضب هو الوحيد له منذ وصوله إلى لبنان في إطار جولته الثالثة في البلاد، بعد جولتيه السّابقتين في 26 حزيران و26 تمّوز الماضيين على التوالي، عندما أوضح أنّه جاء إلى لبنان لإكمال مهمته، التي سرعان ما نفض يده منها عندما أعلن أنّ مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه برّي هي “بداية مسار الحل”.
تصريح لودريان ذو العبارات القليلة تبين بأنّه يحمل دلالات كثيرة. إذ لم يسبق لأيّ موفد قبله جاء إلى لبنان في أوقات سابقة أن “تنازل” عن مبادرته وقدّم عليها مبادرة أخرى، ما يدلّ بأنّ لودريان قد سحب أو كاد مبادرته من التداول، برغم أنّ سفارة بلاده أوضحت في بيان لها، أنّه في لقاءاته “سيؤكّد على ضرورة الخروج من الأفق المسدود، وانتخاب رئيس للجمهورية من أجل سدّ الفراغ المؤسّسي”، إنّما من غير أن يشير بيان سفارة “الأم الحنون” كيف ومتى، ومن غير أن يشير من قريب أو بعيد إلى مباردة لودريان التي عرضها إبّان جولته الأولى.
أمّا الإشارة الثانية التي صدرت عن لودريان والتي أظهرت وكأنّه يعمل على نقل مهمته إلى سواه قبل مغادرته إلى موقع آخر، أو استعان بهم في مهمته، فهي أنّه سيكون حاضراً في دارة سفير السّعودية في لبنان وليد البخاري، الرابعة من بعد ظهر الخميس المقبل، 14 أيلول الجاري، حيث سيلتقي لودريان والبخاري مع عدد من النوّاب وممثلي الكتل، لم يعرف عددهم بعد ولا إلى من وُجّهت الدعوة، ما أعطى إشارة إلى أنّ لودريان أتى إلى لبنان ليكون شاهداً على انتهاء مهمته التي لم ينتج عنها أيّ شيء يُذكر.
أحد الأدلة البارزة أنّ لودريان، الذي سيغادر لبنان يوم الجمعة المقبل في 15 أيلول الجاري، هو أنّه لم يتطرّق، كما سفارة بلاده، إلى الردود على الكتاب الذي وجّهه إلى الكتل والنوّاب في 15 آب الماضي، وتضمّن سؤالين حول مواصفات الرئيس المقبل والمشاريع المنتظرة منه، إذ تجاهل الأمر بعدما كانت الردود على كتابه منقسمة بين الرفض والتحفّظ والبرودة، أو القبول من غير اندفاع، وكأنّ الأمر فرض مدرسي وجب القيام به بالإكراه أو بلا اقتناع بجدواه.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal