الفلتان الأمني في طرابلس: المسؤولون مشغولون بخلافاتهم عنها… عبد الكافي الصمد

تمرّ أخبار الإشكالات وإطلاق النّار التي يرافقها، وسقوط قتلى وجرحى، في مدينة طرابلس مرور الكرام في مختلف وسائل الإعلام وعلى منصّات وسائل التواصل الإجتماعي، وكأنّ هذه الأخبار باتت عادية في عاصمة الشّمال، من غير أن يستدعي حصولها يومياً وتزايدها بشكل مستمر إستنفار الأجهزة الأمنية لوضع حدّ لها.
إشكالان حصلا مساء أمس في طرابلس، أقله حتى أولى ساعات المساء، مع ترقّب وتوقّع أن يرتفع حصول الإشكالات في ساعات لاحقة وصولاً إلى فجر اليوم، في مشهد بات يؤرق جميع أهالي المدينة بلا استثناء، خصوصاً بعدما باتت هذه الإشكالات خبز المدينة اليومي، وتسهم في تحويل الحياة في المدينة، خصوصاً ليلاً، إلى جحيم حقيقي.
الإشكال الأوّل وقع في منطقة ساحة النجمة في طرابلس، عندما أطلق ن. أ. النّار من سلاح حربي على واجهة محل لبيع المواد الغذائية فحطمها، وأصيب جرّاء إطلاق النّار ر. ح. بطلق ناري في قدمه نقل إثر ذلك إلى المستشفى الإسلامي لتلقي العلاج. أمّا الإشكال الثاني فقد وقع في منطقة التل بعدما تبادل مسلحون إطلاق النّار من أسلحة فردية على خلفية خلافات فردية بينهما.
وبعيداً عن الأسباب والخلفيات التي أدّت إلى وقوع هذين الإشكالين، والإتهامات والتبريرات حولهما، فقد أثارا رعباً حقيقياً في أوساط الأهالي الذين دبّ الخوف في نفوسهم، بعدما تحوّل كلا المكانين، بعضاً من الوقت، إلى ساحة حرب حقيقية.
ويمكن القول إنّه لولا العناية الإلهية وتدخّل قوة من الجيش اللبناني والمخابرات، في المكانين، وفرضهما طوقاً أمنياً تمهيداً لملاحقة وتوقيف مطلقي النّار الذين فرّوا، لكانت مجزرة حقيقية قد وقعت، وسقط فيهما قتلى وجرحى، فضلاً طبعاً عن الأضرار المادية إضافة إلى المعنوية التي كانت ستصيب طرابلس، وتصوّرها على أنّها مدينة خارجة على القانون، وتسودها الفوضى وشريعة الغاب.
لكنّ مشهد العبث الأمني هذا ليس جديداً ولا طارئاً في طرابلس، إذ يكاد لا يمرّ يوم إلا وتعيش المدينة تحت وطأة إشكالات أمنية متنقلة لا تنتهي، تجعل شوارع وأحياء وأزقة العاصمة الثانية تعيش رعباً حقيقياً، وتفرغ مع اقتراب ساعات المساء من السيّارات والمارّة إلا في ما ندر، إلى جانب إنقطاع التيّار الكهربائي الدائم عنها، فتبدو وكأنّها تعيش حظراً للتجوّل.
كلّ ذلك يحصل بينما المفروض أنّ طرابلس تعيش منذ أشهر في ظلّ خطة أمنية تنفذها القوى الأمنية، غير أنّ تلك الخطة يبدو أنّها ليست إلّا إعلامية ودعائية وحبراً على ورق، إذ لم يلمس المواطنون آثار تلك الخطّة ونتائجها على الأرض أمناً واستقراراً وتشديداً للقبضة الأمنية وردع الخارجين على القانون، ربما لأنّ لدى المسؤولين عن الأمن في طرابلس ولبنان ما هو أهم من ذلك، وربما أيضاً لأنّهم مشغولين بخلافاتهم ونزاعاتهم الداخلية التي يبدو أنّها بنظرهم أهم من أمن واستقرار مدينة عانت الأمرّين بسبب الفلتان الأمني فيها، وما تزال.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal