إنتخابات المفتين.. صورة حضارية عن المؤسسة الدينية الام برعاية دريان ودعم ميقاتي!… غسان ريفي

شكلت انتخابات المفتي المحلي في ست مناطق لبنانية خطوة جريئة من المؤسسة الدينية الأم المتمثلة بدار الفتوى والتي أكدت حرصها على تفعيل مواقع الافتاء في تلك المناطق، فلم يتأخر مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان عن اتخاذ قرار باجراء الانتخابات وتحديد موعدها متجاوزا الظروف الصعبة التي تشهدها البلاد، وبعض النصائح بضرورة التأجيل وعدم الدخول في هذا الاستحقاق.

وإذ يُسجل للمفتي دريان نجاح هذا الاستحقاق في عهده بعد فترة طويلة من الشغور في المواقع الدينية الاولى في المناطق، ما يعيد تفعيل عمل الافتاء وانتظام دوائر الاوقاف فيها، فإن الدعم الذي وفره رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اعطى دفعا قويا لهذه الخطوة، كما أن تعاطيه الايجابي مع هذه الانتخابات ووقوفه على مسافة واحدة من كل المرشحين في كل المناطق وسعيه لمنع التدخلات والاصطفافات السياسية فرضت هدوءً غير مسبوق وحولت الانتخابات الى سباق بين متنافسين على الخير وجمع الكلمة وليس تنافسا بين خصوم، باستثناء عكار التي شهدت معركة حامية لكنها اتسمت بالانضباط، الامر الذي حافظ على هيبة موقع الافتاء وحضوره ودوره الجامع.

وأعطت انتخابات طرابلس نموذجا واضحا عن الديمقراطية والمنافسة الشريفة، وغياب التدخلات السياسية، بغض النظر عن الخيارات التي اعتمدها الناخبون، حيث سعى الرئيس نجيب ميقاتي منذ البداية بالتعاون مع نواب طرابلس والضنية والمنية الى التوافق على مرشح واحد يفوز بالتزكية وقد نتج عن ذلك انسحاب ثلاثة مرشحين من اصل سبعة، كما قطع ذلك الطريق على بعض المصطادين بالماء العكر الذين حاولوا اشعال الخصومة بين المرشحين أنفسهم وبينهم وبين رموز الهيئة الناخبة، لكن الحالة الاستيعابية التي فرضت نفسها معطوفة على الاحتواء السريع لبعض المواقف حافظت على هدوء الانتخابات وانجزتها بأبهى صورة.

ولا شك في أن بقاء اربعة مرشحين ضمن المنافسة لم يفسد في الود قضية خصوصا ان هذا الترشيح نأى بنفسه عن أي صراع سياسي وانحصر في تقديم البرامج التي يمكن ان تشكل مجتمعة خارطة طريق للمفتي المنتخب.

واستقطب الشيخ محمد إمام أكثرية الاصوات خصوصا انه تولى هذا المنصب بالوكالة ثلاث مرات، الاولى بعد انتهاء ولاية المفتي طه الصابونجي (رحمه الله) والثانية خلال غياب المفتي مالك الشعار عن لبنان لاسباب أمنية، والثالثة بعد انتهاء ولاية الشعار وهي الفترة الاطول التي امتدت لنحو ثلاث سنوات الى الانتخابات يوم أمس. 

وشكل الشيخ إمام طيلة فترة قيامه مقام المفتي محضنا جامعا لكل المكونات وحافظ على المقام والموقع وكان على مسافة واحدة مع الجميع، فضلا عما يتمتع به من خصال ومزايا جعلته خيارا لاكثرية الهيئة الناخبة التي منحته 83 صوتا من اصل 125 ناخبا شاركوا في هذا الاستحقاق.

ولم يكن شيخ قراء طرابلس بلال بارودي بعيدا عن الشيخ إمام حيث خاض معه منافسة راقية، خصوصا أن بارودي يمتلك من العلم والحضور والعلاقات ما يجعله مؤهلا لهذا المنصب لكن الامر تُرك لخيار الهيئة الناخبة التي مارست حقها الانتخابي من دون أية ضغوط أو تدخلات، وقد عبر الشيخ بارودي بعد صدور النتائج عن رقيه بالمسارعة الى تهنئة المفتي إمام وتأكيد الوقوف الى جانبه ودعم مسيرته بما يخدم المؤسسة الدينية، وكذلك الامر ايضا بالنسبة للمرشحين الآخرين الشيخين مظهر الحموي ووسام السمروط. 

انتهت الانتخابات بالامس واصبح هناك مفتين فاعلين لستة مناطق، وغدا يوم آخر من العمل الدؤوب للمساهمة مع سائر المفتين لتطوير آداء المؤسسة الدينية بإشراف مفتي الجمهورية ودعم رئيس الحكومة.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal