تأجيل عشاء السّفارة السويسرية.. هل طوى فكرة مؤتمر الحوار؟… عبد الكافي

كشف السّجال السّياسي الواسع والإهتمام الديبلوماسي العربي والدولي في بيروت حول عشاء السّفارة السويسرية أمس الثلاثاء، تمهيداً لعقد مؤتمر حواري في مدينة جنيف الشّهر المقبل، عن تحضيرات صامتة سابقة كانت تجري بعيداً عن الأضواء تمهيداً له، وبأنّ تأجيل العشاء الذي كان مقرّراً في منزل السّفيرة السويسرية في بيروت ماريون ويشلت إلى “موعد لاحق”، لا يعني أنّ فكرة العشاء ومؤتمر الحوار قد ألغيت.

ولم يُبدّد بيان السّفارة السويسرية مخاوف كثيرين من أن يكون العشاء المُلغى والمؤتمر الذي لم يعرف مصيره بعد، مقدمة لعقد “المؤتمر التأسيسي” الذي كثُر الحديث عنه في الآونة الأخيرة، وأنّه سيشكل محطة لتعديل إتفاق الطائف، على أقل تقدير، أو طرح إتفاق بديل عنه.

هذه المخاوف لم تنبع من فراغ، إذ يدرك مخضرمو السّياسة في لبنان بناءً على تجارب عديدة سابقة، أنّ هكذا مؤتمرات لا تكون بريئة وليست مناسبة للترف السّياسي، بل إنعكاس لمداولات جرت وتجري بعيداً عن الأضواء بين قوى محلية وإقليمية ودولية تهدف لـ”ترتيب” الوضع في لبنان خلال المرحلة المقبلة، وأنّ هذا “الترتيب” قد يستغرق وقتاً طويلاً وطروحات ومخاضاً صعباً، قبل وصوله إلى محطته الأخيرة.

وتجربة سويسرا في استضافة مؤتمرات حوار في دول تعاني من حروب وأزمات سياسية، ومنها لبنان، ليست جديدة، ففي عامي 1983 و984 إستضافت مدينتي جنيف ولوزان توالياً مؤتمرين للحوار اللبناني بهدف إنهاء الحرب الأهلية (1975 ـ 1990)، من غير أن يفضيا إلى أيّ نتيجة إيجابية، لكنهما فتحا الطريق أمام السّعي لبذل وساطات وعقد مؤتمرات أخرى، وصولاً إلى اتفاق الطائف 1989 بعد نضوج طبخة التسوية الإقليمية والدولية لإنهاء حرب لبنان التي امتدت 15 عاماً.

لكن أكثر ما أثار قلق اللبنانيين ومخاوفهم من طرح فكرة مؤتمر الحوار اللبناني، ولو جرى تغليفه بإطار آخر، هو أنّ هكذا فكرة ما كانت لتطرح من الأساس لو أن الأزمة اللبنانية ليست مقبلة على مزيد من التعقيد خلال المرحلة المقبلة، في ضوء اليأس من التوصل إلى “تسوية” لانتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفاً للرئيس الحالي ميشال عون، الذي تنتهي فترة ولايته نهاية الشهر الجاري، أو في تأليف حكومة جديدة تقطع الطريق مسبقاً على السّجال الدستوري والسّياسي الذي ينتظر حكومة تصريف الأعمال الحالية برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي في حال الوصول إلى الفراغ في منصب الرئاسة الأولى، كما بات مرجحاً، أو في معالجة الأزمات الخانقة التي تثقل كاهل اللبنانيين إقتصادياً ومعيشياً وإجتماعياً.

وضاعف من نسبة القلق عند اللبنانيين أنّ أيّ تغيير دستوري أو سياسي منشود لم يكن ايحصل إلّا “على السّاخن”، بعد خلافات وانقسامات سياسية عميقة، وتوترات أمنية متنقلة بين أكثر من منطقة، وهو ما جعلهم يضعون أيديهم على قلوبهم تحسباً لما هو آتٍ.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal