ضوء بإتجاهين في نهاية النفق المظلم.. الاتفاق مع صندوق النقد وعودة السفراء!… غسان ريفي

في ظل السلبية المطلقة المسيطرة على لبنان الذي يتخبط في نفق مظلم، ومحاولات التيئيس الجارية على قدم وساق تارة من بوابة إعلان الافلاس وتارة أخرى في قتل الأمل لدى اللبنانيين بعدم إمكانية الانقاذ، أطل يوم أمس ضوء من آخر النفق وتوزع في إتجاهين الأول دولي والثاني عربي.

لا شك في أن ما حققه لبنان على صعيد إتفاق الحكومة مع صندوق النقد الدولي على البرنامج الاقتصادي والموافقة على العديد من الاصلاحات الضرورية، يُعتبر إنجازا هاما من شأنه أن يضع لبنان على السكة الصحيحة التي من المفترض أن تمكنه من الحصول على الدعم المالي من الصندوق ومن الدول المانحة بما يساعد على وقف الانهيار والانطلاق بخطة التعافي.

وقد جاء هذا الاتفاق ليؤكد أن هناك جهودا جبارة بذلها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي واللجنة الوزارية المكلفة التفاوض مع صندوق النقد الدولي، بصمت ومن دون ضجيج وذلك بهدف تأمين خدمة الناس، وتلافي أي تشويش أو محاولات عرقلة، خصوصا أن كل ما يتحقق من دعم دولي وإقليمي للبنان بات يتلاشى أمام التجاذبات والمناكفات الداخلية والمصالح الانتخابية.

كما جاء إعلان رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلتزامهما بالعمل على حل الأزمة ووضع لبنان على مسار النمو المستدام والشامل من خلال تطبيق إصلاحات بنيوية توطد الاطار المؤسساتي، ودعمهما بقوة البرنامج الاصلاحي الاقتصادي الذي تقوم اللجنة الوزارية بالتفاوض بشأن مندرجاته مع الصندوق، فضلا عن التأييد الكامل الذي عبر عنه رئيس مجلس النواب نبيه بري، كل ذلك يؤكد أن ثمة إجماع على إنجاز هذا التفاوض بأسرع وقت ممكن لتبدأ مفاعيله الايجابية تظهر على الواقع اللبناني.

وتشير المعلومات الى أنه بعد الاتفاق الذي تم توقيعه أمس، فإن لبنان قد يلقى دعما من إتفاق مدته 46 شهرا، مع إمكان الحصول على 3 مليارات دولار تم طلبها، ولا شك في إن إفراج الصندوق عن هذا المبلغ سيساهم في إستعادة لبنان الثقة أمام الدول المانحة التي من المفترض أيضا أن تقدم بعض الهبات المالية لدعم الوضع الاقتصادي في لبنان.

أما الاتجاه الايجابي الثاني، فتمثل بإعلان الخارجيتين السعودية والكويتية عن عودة السفيرين وليد البخاري وعبدالعال القناعي الى لبنان لاستئناف مهامهما الدبلوماسية، وذلك في خطوة بالغة الأهمية في ظل هذه الظروف لاعادة العلاقات اللبنانية ـ الخليجية الى طبيعتها وطي الصفحة الأشهر الماضية.

لم يكن القرار الخليجي وليد ساعته، بل جاء نتيجة تراكم جهود بذلها الرئيس ميقاتي منذ بدء الأزمة في معالجة بعض الملفات لا سيما تفعيل التعاون الأمني وضبط الحدود والكشف عن العديد من شبكات تهريب الكابتاغون وصولا الى إبلاغ السلطات الخليجية عن شبكات تنشط لديها، إضافة الى التجاوب السريع في الرد على الورقة الكويتية، فضلا عن تأكيد ميقاتي الدائم على إلتزام لبنان بأفضل العلاقات مع الخليج العربي وبالنأي بالنفس وعدم تحويل لبنان الى منصة لاستهداف أي من الدول العربية والخليجية، وترجمته القول بالفعل، الأمر الذي ترك إنطباعا جيدا لدى السعودية والكويت اللتين مهدت خارجيتهما لهذه العودة بالترحيب ببيان رئيس الحكومة حول عودة العلاقات الطبيعية بين لبنان ودول الخليج.

وتشير المعطيات الى أن هذه العودة من شأنها أن تعيد لبنان الى الحضن العربي، بالتزامن مع الاحتضان الدولي والايجابيات المستجدة في الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، حيث يمكن أن تواكب دول الخليج هذا التحرك الانقاذي للبلاد وأن تعطيه زخما إضافيا، خصوصا أن لبنان موعود بمؤتمر دعم دولي، وعودة المياه الى مجاريها مع دول الخليج قد تحفزها على تقديم هبات مالية أكبر ستساهم مع هبات الدول المانحة في تغيير الكثير من الواقع اللبناني المؤلم حاليا.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal