طرابلس أسيرة توتر مشبوه.. الفقراء يطلقون النار بعشرات آلاف الدولارات!!.. غسان ريفي

فجأة ومن دون سابق إنذار، خرج السلاح في طرابلس الى الشوارع واصبح خلال الساعات الثماني والاربعين الماضية لغة التخاطب الوحيدة بين العائلات المتنازعة في المناطق الشعبية عبر اشكالات واشتباكات واطلاق نار ورمي قنابل وقتل للابرياء وترويع للآمنين وتشويه لصورة الفيحاء في شهر الرحمة والمغفرة.

لم يعتبر البعض من الاحداث الدامية التي شهدتها التبانة امس الاول وسقط ضحيتها طفل وشاب وعدد من الجرحى وتخللها اعمال احراق منازل وسيارات، فأعاد الكرّة في تشييع الشاب القتيل ظهر امس باطلاق نار كثيف اقفل التبانة عن بكرة ابيها ومنع الرزق عن تجارها في ظل هذه الظروف المعيشية الصعبة، وباشكال جديد في الحارة البرانية بين عائلتين تخلله اشتباكات ادت الى اصابة احد الاشخاص بجروح خطرة، وباشتباكات عائلية في ساحة النجمة بثت الرعب في قلوب المواطنين بعد الافطار، واشكال فردي في شارع عزمي اقدم خلاله احد الاشخاص على اطلاق النار على شخص اخر واصابه في قدمه، فضلا عن اطلاق نار متفرق في ارجاء المدينة من قبل مجهولين.

لا شك في ان هذه الاشكالات المتلاحقة والتي تهدف الى اظهار طرابلس بأنها مدينة خارجة على القانون، ليست وليدة صدفة، بل من الواضح انها نتيجة عمل مدبر ومشبوه في توقيت دقيق، وقبل استحقاق الانتخابات النيابية، حيث يبدو ان جهات تريد ان تستثمر في دماء الطرابلسيين مجددا لتحقيق اهداف سياسية تصب في ثلاثة اتجاهات: الاول، التحضير من خلال هذه الاشكالات الى فلتان امني كبير قد يؤدي الى تأجيل الانتخابات من بوابة طرابلس، والثاني، محاولات ضغط متبادلة من قبل تيارات سياسية متنازعة عبر صندوق البريد التقليدي، والثالث، محاولات للتغطية ولفت الانظار عن مواقف طرابلس المتقدمة انتخابيا حيال بعض الطارئين عليها.

لم يعد ما يجري في طرابلس أمرا عابرا، حيث بدا واضحا ان توتير اجوائها هو عن سابق تصور وتصميم، وان ثمة من يتولى تمويل هذا التوتير، وخلق الخلافات والتمهيد للاشكالات التي اقل ما يقال في اسبابها انها تافهة ولا تتطلب مواجهات في الشارع ولا الى هذا الكم من السلاح والرصاص، اضافة الى انه من غير المنطقي ان يهدر فقراء المناطق الشعبية ممن لا يجدون قوت يومهم في ظل أسوأ الظروف الاجتماعية، عشرات آلاف الدولارات ثمنا لرصاص الاشتباك او التشييع، ولقنابل الرعب.

يمكن القول، إن طرابلس اليوم امام مفترق طرق، فإما ان تسارع قياداتها وفاعلياتها ومجتمعها واهلها الى دعم القوى العسكرية والامنية للقيام بواجباتها التي بدأت بها منذ الاشكال الاول، للضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه العبث بامن الناس وتهديد سلامتهم، أو ان تتهاون في الامر وتتركه للتفاعل بما يعيد عقارب الساعة الى الوراء وتجد طرابلس نفسها اسيرة مرة أخرى لدى قادة محاور جدد يبدو انهم لم يتعلموا من تجارب غيرهم، حيث تم استخدامهم عندما دعت الحاجة السياسية والامنية، ومن ثم كان مصيرهم القتل او السجن!..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal