الحاجة جمعتهم وخرائط الطرق ستفرقهم!… مرسال الترس

ابدى المراقبون والمتابعون المحليون والخارجيون دهشتهم واستغرابهم لما شاهدوه ولمسوه من الحراك الشعبي الذي ظهر في الساحات اللبنانية من أقصى الجنوب الى أقصى الشمال مروراً بالبقاع والجبل وتوابعهما، انطلاقاً من الاجماع على رفع العلم اللبناني دون سواه مجسّداً الابعاد الوطنية ومتخطياً كل الآفات التي نخرت المجتمع اللبناني واستغلها بعض السياسيين أيما استغلال. بالرغم من أن الحروب والصراعات الطائفية والمذهبية منذ العام 1975 قد فعلت فعلها في الشرذمة والتفريق حتى ضمن البيت الواحد والعائلة الصغيرة.

الاّ أن ما لمسه هؤلاء من معطيات حول سعي أطراف عدة لاستغلال ما يحصل، قد ترك أكثر من علامة استفهام حول مستقبل ذلك الحراك والخوف من أن يتحول الى مطية لمن يسعون دائماً الى ركوب الموجات لحرفها عن وجهتها الحقيقية التي عادة ما تكون نقية، لصالح سيناريوهات خبيثة تنخرط فيها جهات محلية إما عن سوء نية خدمة لرغباتها السياسية أو لمصالح مالية ضيقة يُشرى ويباع فيها كل شيء.

فهل تذكّر أحد مثلاً ما حاولت فعله التدخلات الخارجية في اوكرانيا إنطلاقاً من واشنطن مروراً باوروبا وصولا الى تل ابيب؟ حيث كانت الشركات الامنية الخاصة تُطلق النار على الشرطة والمتظاهرين في وقت واحد من أجل نسف أسس النظام!

وهل تذكّر أحد، ما حاولت فعله التدخلات الخارجية في فنزويلا وماذا كشفت الرسائل التي نقلتها الحقائب الديبلوماسية عن السيناريوهات التي جرى إعدادها قبل الهجمة الاميركية على النظام في تلك الدولة؟

وهل يتذكر أحد حجم الكذب والنفاق الغربي الذي واكب الحرب على العراق في العام 2003 والذي لم تنته مفاعيله حتى الساعة، لا بل انه يجري تبديل انماط التهديم كلما لاحت في الافق ملامح حلول كي يبقى البلد على كف عفريت؟

وهل لاحظ أحد ما اوردته محطة الـ CNN الاميركية مطلع هذا الاسبوع عن لسان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن انهيار اقتصادي وشيك خلال أيام في لبنان، ومسارعة سلامة للتوضيح أن المحطة لم تكن دقيقة في نقل تصريحاته.

وانطلاقاً مما هو ظاهر فالسؤال الذي يضج في مخيلة المتنبهين هو التالي: هل هناك قرار باحراق لبنان كما تسرب بعض المصادر الخارجية التي تتابع عمل السفارات وما يتصل بها؟ أم ان هناك كرة نار مالية واقتصادية سوف يترحم بها اللبنانيون على الحروب بالبندقية والمدفع؟.

المتوقع حتى الآن أن ماحققه الحراك من تكاتف نتيجة الظروف المعيشية والاجتماعية الصعبة ستبدده السيناريوهات التي تنفذ ما يرسمه الخارج من خرائط طرق لا تطلب في النهاية الاّ ضرب بنية هذا المجتمع لاسباب لم تعد تُخفى على أي مهتم بالشؤون السياسية والجغرافية في هذا الشرق الملتهب منذ سبعة عقود دون هوادة، ومنذ ثمانية أعوام في فوضى يُقال أنها خلاّقة.