لم تنم عيون اللبنانيين ليلة السابع والعشرين من تشرين الثاني ، حيث سهرت تترقب بحذرٍ لحظة وقف اطلاق النار، وهي اللحظة التي انتظرها الجنوبيون بفارغ الصبر بعد أن اضطروا لترك بيوتهم وقراهم جراء العدوان الإسرائيلي على لبنان.
لم ينتظر أبناء الجنوب شروق الشمس فحزموا أمتعتهم للتوجه جنوباً مرفوعي الرأس تظهر على وجوههم ملامح الفرح والفخر والاشتياق لأرض رويت بدم أبنائها.
عند ساعات الصباح الأولى، واكبت “سفير الشمال” تحضيرات الجنوبيين في فندق معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس تمهيداً للعودة الى ديارهم .
تُجهز سحر أغراضها والبسمة لا تفارق وجهها، كما كل الحاضرين، كيف لا، وهو يوم العودة لحضن النبطية بعد غياب أشهر، وتقول سحر: “نزحت من النبطية بعد أن دمر العدو الإسرائيلي عشرات البيوت ظناً منه بأن التدمير يمنعنا من العودة، ولا يدرك أن تدميره لا يزيدنا إلا عزيمة وإصراراً “.
وتضيف: “فور الإعلان عن قرار وقف إطلاق النار جهزنا أنفسنا كي نعود، فقد اشتقت الى هواء النبطية لكنني سأفتقد المكان هنا، هذه أول مرة أزور فيها طرابلس لم أشعر أنني غريبة بفضل أهلها الطيبين “.
يقول الحاج أيوب عمار إبن الضاحية الجنوبية: “عائدون الى بيوتنا مرفوعي الرأس وسنبقى شوكة في عين الإسرائيلي، ساعات قليلة تفصلنا عن ضاحيتنا الغالية، لكن مستوطني الشمال هل سيتجرأون على العودة حقاً أشك؟.
أما حسين العلي فيقول: “خسرت والدي وأخي جراء القصف الإسرائيلي على منزلنا في الضاحية قبل شهر، وأشعر بالغصة لأنني كنت اتمنى ان يكونوا معنا في هذه اللحظة وأنا متأكيد أنهما فرحين مثلنا وكله فدا المقاومة وفدا لبنان .
فاطمة حمد نازحة من قرية عين بعال قضاء صور تستعد للعودة الى منزلها بعد أكثر من شهرين، وتقول” بيتي لا يزال موجودا، لحقت به أضراراً بسيطة، ولا استطيع وصف ما اشعر به المشاعر مختلطة أشعر بالحزن لأننا فقدنا أعزاء على قلوبنا، وفرحتنا ناقصة بغياب سماحة السيد الشهيد حسن نصر الله، لكننا أيضاً فرحين ونحن على يقين أن لا نصر بدون تضحيات “.
رئسية قطاع المرأة في تيار العزم السيدة جنان مبيض التي كانت على اتصال مباشر مع النازحين، تقول: “بعد ليلة مرعبة عاشها اللبنانيون في كل المناطق، شكل وقف اطلاق النار فرحة لجميع النازحين المتمسكين بأرضهم، والذين رغم كل الدمار سارعوا لترتيب أغراضهم والسير نحو الجنوب “
وتضيف: “الانتصار الحقيقي هوالتضامن الذي شهدناه بين كل اللبنانيين، والاحتضان في كل المناطق اللبنانية لاهالي الجنوب ولكل النازحين من المناطق الخطرة كان خير دليل على حب أبناء الوطن الواحد لبعضهم البعض واتحادهم في وجه هذا العدو المجرم”.
وتختم مبيض: “نحيي الرئيس نجيب ميقاتي والرئيس نبيه بري على مواقفهما الوطنية وحسن ادارة الأزمة الخطيرة التي مررنا بها بحكمة وسعيهما الدائم حتى التوصل الى اتفاق وقف اطلاق النار”.
عادت الحياة من جديد للجنوب والبقاع بعد أن دخلها أصحاب الأرض منتصرين، فظهرت مشاهد الفرح والاحتفال، ليصار الى تسجيل تاريخ جديد سيحفر في قلوب وعقول اللبنانين عموماً والجنوبيين خصوصاً محطة زمنية تعكس قوة الإنتماء وأصالة الهوية اللبنانية فلا الزيتون ينكسر ولا الأرز الشامخ ينحني.
Related Posts