كثيرة هي التحليلات حول تأثير إنتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأميركية على إسرائيل وعلى حربها على غزة ولبنان.
بات معلوما، أن ترامب إلتزم بوقف الحرب، وإنهاء الصراعات في الشرق الأوسط، وتثبيت الأمن والاستقرار فيه، لكن تنفيذ هذه الإلتزامات قد يتناقض كلياً مع الواقع اللبناني وحساسياته وتوازناته، حيث لا يمكن أن يصب قرار وقف الحرب في مصلحة إسرائيل، وهذا ما تنبه له الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي قال في خطاب الأربعين للسيد الشهيد حسن نصرالله أن “سقف أي تفاوض يقوم على أمرين، هما وقف العدوان وسيادة لبنان”، وذلك في إشارة واضحة الى موقف الدولة اللبنانية الذي تم إبلاغه الى المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، والداعي الى وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701 من دون زيادة أو تقصان، ونشر الجيش في الجنوب.
لا شك في أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو سيحاول الإستفادة الكاملة من الأجواء المرافقة لإنتخاب ترامب، لجهة الاستقواء على الداخل الاسرائيلي، وتثبيت إقالة وزير الدفاع يوآف غالانت رغم معارضة الشارع، وتظهير الدعم اللامحدود من الرئيس المنتخب له، وترجمة ذلك في الحرب على لبنان الذي أفشلت مقاومته هذه المحاولات بتصعيد عملياتها على الحدود وإستهدافاتها في الداخل الفلسطيني المحتل، بشكل أحرج نتنياهو ودفع جنرالاته الى مزيد من التخبط.
بدا واضحا أمس، أن المقاومة بدأت تعمل على إعادة تفعيل قوة الردع من خلال تصعيد عملياتها ردا على العدوان الاسرائيلي الذي يطال المدنيين والمباني السكنية والبلدات، سواء من حيث عدد هذه العمليات وخصوصا على الحدود بهدف إستنزاف الجيش الاسرائيلي المأزوم، أو من حيث إستهداف القواعد العسكرية وكان أبرزها تلك المحيطة بمطار بن غوريون ومراكز الأبحاث والمصانع العسكرية، أو من حيث الأسلحة والصواريخ المستخدمة والتي بدأت تصل الى عمق 120 كيلومترا متجاوزة الدفاعات الجوية لتصيب أهدافها بدقة متناهية.
هذا الواقع، دفع رئيس الأركان هيرتسي هاليفي الذي ما يزال تحت وقع صدمة إقالة وزير الدفاع غالانت والخائف على مصيره من مقص نتنياهو، الى التأكيد أن الجيش الاسرائيلي يدرس إمكانية توسيع عملياته ضد لبنان، الأمر الذي يناقض كل التصريحات السابقة، حول “قرب إنتهاء العمليات العسكرية في غضون إسبوعين، وعن إنجاز المرحلة الأولى على الحدود، وعن سحب أحد الألوية من الجبهة الشمالية بسبب التقدم في المفاوضات، كل ذلك، يشير الى تخبط إسرائيلي ناتج من عدم تحقيق أهداف الحرب، علما أنه لا توجد مراحل للجيش الاسرائيلي على الحدود التي ما تزال تشهد عمليات كر وفر ولم ينجح الجيش الاسرائيلي في تثبيت أي نقطة له في أي بلدة حدودية بفعل صمود المقاومة وثباتها في الميدان والتصدي البطولي لكل محاولات التسلل أو التوغل في الأراضي اللبنانية.
يمكن القول، إن إنتهاء الانتخابات الأميركية وفوز ترامب على وجه الخصوص، سيؤدي الى تصعيد كبير في الحرب أقله في الأيام القليلة المقبلة التي ستجهد فيها المقاومة لإجبار العدو على طلب الذهاب الى المفاوضات تحت وقع ضرباتها، كما أعلن الشيخ نعيم قاسم، إلا في حال إنكسر الجمود المحيط بالمفاوضات وتحركت على وقع المتغيرات الأميركية، والمعلومات التي تشير الى إمكانية عودة آموس هوكشتاين الى لبنان لإستكمال مساعي الادارة الديمقراطية لوقف الحرب.. فهل ينجح جو بايدن بالوقت الضائع في تحقيق ما عجز عنه قبل الانتخابات؟ أم أن المماطلة ستبقى سيدة الموقف الى أن يدخل ترامب البيت الأبيض ويقدم له نتنياهو وقف إطلاق نار هدية إنتخابه؟.
Related Posts