المنطقة في لحظات مصيرية.. والتيارات السياسية في لبنان منشغلة بتأمين مصالحها!.. عبدالكافي الصمد

في سباق مع الوقت تبدو المنطقة وكأنّها تعيش لحظات مفصلية بين احتمالين: الأول التوصل إلى تسوية يضع حدّاً للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وجنوب لبنان لليوم الـ185 على التوالي؛ والثاني إنفجار الوضع برمته والذهاب نحو المجهول في صراع يعرف جميع الأطراف كيف سيبدأ، لكنّ أحداً منهم لا يعرف كيف سينتهي، ولا كيف ستكون صورة المنطقة بعد ذلك.

ففي حين تتسرّب يومياً معلومات تتحدث عن اقتراب التوصل إلى تسوية تنهي الحرب الدائرة في قطاع غزة وجنوب لبنان، وتمنع إنزلاق المنطقة كلها نحو صراع أوسع سيكون أقسى وأكثر شراسة وتدميراً، وبأنّ ضغوطات أميركية وغربية غير مسبوقة تمارس على رئيس حكومة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو لإيقاف الحرب، كان آخرها ما تسرّب من معلومات عن إمكانية التوصل إلى تسوية تتزامن مع حلول عيد الفطر هذا الأسبوع، لا تترك تسريبات أخرى ووقائع على الأرض أيّ إنطباع إيجابي يوحي بأنّ لغة الحرب ستتوقف، وأنّ التسوية قد باتت قاب قوسين أو أدنى.

التسريبات السّلبية تتحدث عن أنّ جيش العدو الصهيوني سيبدأ العملية العسكرية على رفح في غضون أيّام، وأنّه بعد أن ينتهي منها سيتوجه إلى لبنان لخوض معركة أخرى ضد حزب الله، وبأنّ نتنياهو الذي يمارس سياسة الهروب إلى الأمام، سيستغل إنشغال الإدارة الأميركية بانتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة الخريف المقبل لتنفيذ خططه العسكرية، ما يعني أن الصيف هذا العام سيكون مشتعلاً، وعلى أكثر من جبهة.

وزاد الطين بِلّة العملية العدوانية التي نفذتها إسرائيل ضد القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، الأسبوع الماضي، والتي زادت منسوب التوتر بعدما تجاوز فيها العدو الإسرائيلي الخطوط الحمر، في ظلّ أجواء توتر واسعة بدأت بالتصاعد، من غير أن يعرف أحد كيف سترد إيران على هذا العدوان، وأين، ومتى، إنما وسط إجماع لدى القيادة الإيرانية عن أنّ الرد سيكون قاسياً جدّاً.

هذه الأجواء الضبابية والمتوترة ترافقت مع تسريب معلومات عن أنّ العدو الإسرائيلي يستعد لشنّ عدوانه على لبنان في شهر تموز المقبل، واجتياح جيشه له برّاً، وهو توقيت تغيّر أكثر من مرّة في الآونة الأخيرة، نظراً لمحاذير ومخاوف كثيرة في صفوف جيش العدو الذي يعرف جيداً أنّ إجتياح جديد للبنان على غرار إجتياح العام 1982 لن يتكرر مرّة ثانية، وبأنّه لا يمكنه القيام به بعدما تبدّلت الوقائع على الأرض لمصلحة المقاومة ومحورها، وأنّه إذا أقدم على هكذا عمل عسكري فإنه سيواجه مقاومة ضارية ستجعله يعتبر ما واجهه ويواجهه في قطاع غزّة مجرد نزهة أمام ما ينتظره في لبنان.

كلّ ذلك يجري بينما التيارات السياسية في لبنان غائبة عن السّمع ومنشغلة بأمورها الصغيرة، ومصالحها الضيقة، وخلافاتها التافهة، على حساب وطن يضيع من بين أيديها وأيدي مواطنيه، وسط مخاوف جذرية في لحظات مفصلية ومصيرية.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal