بلد الأزمات والحلول المؤجّلة!.. عبدالكافي الصمد

كلّ شيء في البلد مؤجّل. هكذا توحي الأجواء ويتأكّد ذلك يوماً بعد آخر، في ضوء التطوّرات في لبنان والمنطقة، ما يترك إنطباعاً أنّ الأزمات والمشاكل في لبنان لن تجد حلولاً لها، ولو بشكل مؤقّت، في القريب العاجل، لا بل إنّ هذه الأزمات والمشاكل يبدو أنّها سائرة نحو مزيد من التأزيم والتعقيد.

فالملف الرئاسي بقي على الرفّ منذ أكثر من سنة ونصف، ويرجّح أن يبقى لفترة طويلة في ضوء التشاؤم المخيّم على الوسط السياسي، الذي رجّح بعضه أن ينتهي العام الجاري وكرسي الرئاسة الأولى في قصر بعبدا ما يزال خالياً، في ضوء تعذّر إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، نظراً لأنّ التوافق الداخلي والخارجي لم يتوافر بعد.

والإنتخابات البلديّة المنتظرة في شهر أيّار المقبل يبدو أنّها أيضاً في حكم المؤجّلة، ولا يتوقع أن تجري في موعدها، وأن يتم تأجيلها للمرة الثالثة على التوالي، وبالتالي تمديد ولاية المجالس البلدية مرة جديدة بعد تمديدين في العامين 2022 و2023، لأسباب عدة، يتداخل فيها الأمني بالسياسي والمالي.

والأزمة الماليّة والإقتصادية التي تُرجمت في انهيار غير مسبوق لقيمة العملة الوطنية، وانعكس ذلك تدهوراً غير مسبوق في حياة اللبنانيين الذين تزايدت نسبة الفقر بينهم إلى أن تجاوزت، وفق آخر إحصاءات نسبة 82 في المئة، وسط إنسداد أفق الحلول بسبب التراجع الذي أصاب مختلف القطاعات الإقتصادية في البلاد، وتوقف الإستثمارات إنْ من الداخل أو من الخارج، وامتناع دول وجهات مانحة عن تقديم يد العون إلى لبنان، ورفضها لأسباب مختلفة المساعدة في إخراج البلد من أزمته.

هذا الفراغ على رأس السّلطة وتدهور الأوضاع المعيشية والمالية والإقتصادية، أدّت كلّها إلى انفلات الوضع الأمني في أغلب المناطق اللبنانية، وإنْ كانت مناطق معينة مثل طرابلس وجوارها تشهد إنفلاتاً أكبر، جعل البلد يقف على كفّ عفريت، ما ينذر بالذهاب نحو المجهول في ظل غياب أي سلطة أمنية رادعة تضع حدّاً لهذا الإنفلات الأمني الذي بات ينذر بالأسوأ.

وزاد الطين بِلّة تدهور الوضع الأمني في الجنوب نتيجة الإعتداءات الإسرائيلية على الجنوب وبعض مناطق البقاع وصولاً إلى العاصمة بيروت، بالتزامن مع إستمرار العدو في عدوانه على قطاع غزة لليوم الـ179 على التوالي، وارتكابه جرائم يندى لها جبين الإنسانية جمعاء، وصولاً أمس إلى اعتدائه على القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، ما أثار المخاوف من محاولات العدو جرّ المنطقة إلى حرب شاملة، الأمر الذي سيُبقي حلّ الملفات اللبنانية المتأزمة مؤجلاً حتى إشعار آخر.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal