لا تزال زيارة الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين الاخيرة للبنان محور متابعة على وقع تصاعد عنيف للاعتداءات الاسرائيلية ضد الجنوب، بالتوازي مع ابداء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تفاؤله في إتمام “تفاهم رمضان” في غزّة، لافتاً إلى أنّ “المعلومات تقول إنّ ثمة وقفاً لإطلاق النار قبل رمضان”، ومشددا على” أن المفاوضات لوقف إطلاق النار في لبنان ستنطلق خلال شهر رمضان”.
وكتبت” النهار”: أبرزت الساعات الأخيرة مزيدا من الشحن التصعيدي ان في “الميدان” وان في حملات التهديدات المتبادلة على طرفي جبهة الحدود اللبنانية-الاسرائيلية الامر الذي لا يحمل ترجمة للتفاؤل المتسرع الذي قابله بعض الجهات اللبنانية عقب زيارة هوكشتاين ولقاءاته في العاصمة اللبنانية. وبات من نافل الاستنتاجات ان ربط أي انطلاقة محتملة لترجمة الاقتراحات التي طرحها هوكشتاين في بيروت، ومن ثم في تل ابيب، لوقف التدهور الميداني على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية تمهيدا للشروع في إجراءات تثبيت الاستقرار، بهدنة غزة، شكل ويشكل اللغم الأول الذي يتهدد وساطة هوكشتاين نظرا الى الطريق الشاق بل حقل الألغام الذي يتهدد الجهود المضنية والصعبة للتوصل الى تفاهم الهدنة في غزة والذي ضاقت الى حدود بعيدة فرصة إحلاله قبل بداية شهر رمضان بعد أيام قليلة. حتى ان الأوساط اللبنانية المعنية بدت كأنها ترصد الأمل الواهي والضعيف لإقلاع وساطة هوكشتاين في تبريد الجبهة الجنوبية مع إسرائيل من منظار متابعة دقيقة أولا بأول للعقبات المتراكمة امام هدنة غزة. وتقول هذه الأوساط ان مجمل ما سمعه هوكشتاين في بيروت في شأن وساطته لا يغني ولا يسمن ما دام مفتاح حظوظ هذه الوساطة موجودا في غزة وليس في بيروت بفعل “وحدة الساحات” من جهة محور المقاومين من جهة والغموض المفخخ الإسرائيلي حيال الربط او عدمه بين غزة والجنوب اللبناني من جهة مقابلة. ولذا كان بديهيا ان تهتز الانطباعات التي عقدت امالا على التحرك المتجدد لهوكشتاين اذ وقبل ان يغادر المنطقة منهيا جولته بين بيروت وتل ابيب، اشتعلت دورة جديدة من التصعيد الميداني فيما استعرت حرب التهديدات الكلامية بين إسرائيل وحزب الله.
وذكرت «الأخبار» أن الموفد الأميركي الذي غادر ليل أول أمس إلى قبرص، وانتقل منها أمس إلى كيان العدو، أبقى أحد مساعديه البارزين في بيروت لمواصلة الاجتماعات مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، ومن خلالهما مع حزب الله. وقالت المصادر إن هوكشتين قال لبعض من التقوه إنه سيضعهم في أجواء اتصالاته مع القيادة الإسرائيلية، وإنّ لديه ثقة كبيرة بقرب الإعلان عن الهدنة في غزة، ويريد استغلالها لإطلاق مفاوضات مع لبنان لتثبيت الهدنة التي ستقوم حتماً بعد وقف إطلاق النار في غزة. فيما أعلن الرئيس ميقاتي أمس أن المفاوضات لتثبيت التهدئة في لبنان، في حال حصلت الهدنة في غزة، ستنطلق خلال شهر رمضان المقبل، وأن الاتصالات ستنتقل إلى مستوى جديد.
وعُلم أن بيروت تنتظر أن يعود هوكشتين لاحقاً (في حال إعلان الهدنة في غزة) بتفاصيل خطته لتثبيت هدوء مستدام على الجبهة اللبنانية، وأن لبنان ينتظر منه خطوات تلتزم بها إسرائيل على أكثر من صعيد ليكون بالإمكان الحديث عن ضمانات لبنانية بالتهدئة. وأفادت المصادر بأن المسؤولين في بيروت أبلغوا الموفد الأميركي بأن لبنان ينتظر «ورقة عملية مقنعة».
ما أحاط بزيارة هوكشتين، هي الثالثة له إلى بيروت منذ اندلاع «طوفان الأقصى»، عكسَ محوريتها في سعيه إلى «احتواء» التطورات التي تتسابق فيها الدبلوماسية مع الوقائع الميدانية على ضفتَي الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة.
ومع أن تفسيرات كثيرة أُعطيت لمضمون البيان المكتوب الذي تلاه بعد اجتماعه مع الرئيس نبيه بري، تمّ التوقف عند إشارته إلى عدم انسحاب هدنة غزة تلقائياً على جبهة الجنوب اللبناني، ما فُهم بأنه «تهديد» ضمني لدفع المقاومة إلى وقف عملياتها ضد العدو الإسرائيلي. لكنّ تفاصيل ما قاله في الكواليس، أكّدت محاولته تأطير مرحلة المفاوضات بخطوط عريضة، طالباً من لبنان ضمانات بعدم لجوء حزب الله إلى التصعيد في انتظار ما ستؤول إليه المفاوضات حول غزة. وكان لافتاً أنه أسقط من سلّته هذ المرة بعض الشروط الصِّدامية كتحديد كيلومترات لانسحاب حزب الله بعيداً من الحدود.
وبحسب معلومات «الأخبار» فإن اجتماع هوكشتين مع الرئيس بري استمر نحو ساعة ونصف ساعة، بدأه المبعوث الأميركي بتقدير «بدا فيه جازماً»، يؤكّد أن المفاوضات في شأن غزة ستؤدي إلى هدنة قريباً، من دون تحديد موعد لذلك. لكنّ سؤاله الأساسي هدف إلى محاولة استكشاف سلوك حزب الله ولبنان الرسمي في حال لم يتم التوصل إلى هدنة، مشيراً إلى أنه يعرف أن موقف حزب الله محسوم لجهة بقاء الجبهة الجنوبية مفتوحة للإسناد طالما استمر العدوان على غزة. وقال هوكشتين إن «إسرائيل لا تريد الحرب، لكنها تعتبر أنها تعرّضت لاعتداء غير مبرّر من لبنان، كما تعرّضت لاعتداء في 7 تشرين، وهي تعتبر نفسها معنيّة بضمان عدم تكرار ذلك من الجنوب، كما تفعل مع غزة». وأكّد أن «الولايات المتحدة تفضّل الخيار السياسي»، زاعماً أن «المناخ التصعيدي في إسرائيل يُمكن احتواؤه من خلال صيغة تؤدي إلى خفض التوتر»، ما يعني ضمناً طلباً بأن «يخفّف الحزب عملياته فيؤدي ذلك إلى تخفيف الضغط بما يتيح للمستوطنين العودة إلى منازلهم في الشمال وللنازحين من الجنوب بالعودة إلى قراهم». وقال هوكشتين لبري إنه سيقرأ بياناً مكتوباً، «وما سأقدّمه هو صيغة هدفها الوصول إلى حل يمنع إسرائيل من شنّ الحرب»، مكرّراً أن «إسرائيل معتدى عليها، لكن كما نجحنا في التوصل إلى اتفاق بحري رغم كل العقبات والضغوط، نحن حريصون على إيجاد تسوية تجنّبنا الصدام».
وهنا أجابه بري: «كرئيس لمجلس النواب ومسؤول رسمي، أقول إن إسرائيل هي المعتدية، وهذا الكيان لم يكن يوماً يحتاج إلى ذريعة أو عذر لشنّ حرب على لبنان، وكابن للجنوب أؤكد أن المقاومة تنفذ عمليات عسكرية ضد مواقع وجنود، بينما يردّ العدو علينا باستهداف المدنيين وتدمير البيوت من دون سبب وهو من يرغب بالتصعيد». وأضاف: «إما إذا أردت الحديث بوصفي أعرف المقاومة، فأنا أجزم بأن المقاومة ستوقف العمليات بمجرد إعلان الهدنة في غزة، وأنا أعرف ومسؤول عن القول إن المقاومة كما كل لبنان، لم تكن يوماً ضد القرار 1701، وبالتالي، فإن النقاش حول القرار وكيفية تنفيذه وكل الأمور الأخرى يصبح قابلاً للبحث متى توقّفت الحرب في غزة». وهنا، حاول هوكشتين «جسّ نبض» بري عما إذا كانت هناك إمكانية للحصول على «ضمانات» من المقاومة لـ«إقناع المسؤولين في تل أبيب»، إلا أنه لم يسمع جواباً.
وكشفت مصادر بارزة أن «هوكشتين كان في كل محادثاته حريصاً على توضيح أن كلامه العلني لم يحمل أي تهديد»، مكرّراً أنه «سبق أن طرحت أفكاراً للحل، واليوم أعرض خطوات لتنفيذ الآلية في حال حصول هدنة في غزة». وهذه الخطوات، وفقَ ما تقول المصادر تقوم على: أولاً، التثبّت من وقف إطلاق النار، وثانياً تفعيل خطة نشر قوات كبيرة للجيش اللبناني في كل المنطقة الحدودية (من دون أن يحدد أي عمق)، وثالثاً الالتزام بعدم الظهور المسلّح لغير الجيش (لم يشر إلى انسحاب حزب الله من القرى الحدودية)».
وبحسب خطة أو «أفكار» هوكشتين، بعد إقرار هذه الخطوات، سيبدأ جولات تفاوضية لتسوية النزاعات على الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، وسيسعى إلى وجود ضمانات سياسية بعدم تكرار المواجهات على جانبَي الحدود.
وفي لقاءاته الأخرى، ناقش هوكشتين أفكاره مع الرئيس ميقاتي، وقال إنه سمع تصوّرات من رئيس الحكومة تخصّ مرحلة ما بعد توقف إطلاق النار، وإن ذلك سيساعده على وضع خطة تفصيلية في المرحلة اللاحقة. وفي الاجتماعات الأخرى، كان لافتاً عدم تورط هوكشتين في الحديث عن تنفيذ كامل وحرفي للقرار 1701. ونُقل عنه أن «الوقت حالياً لا يسمح بالحديث عن التطبيق الحرفي للقرار 1701، خصوصاً أن إسرائيل قد لا تلتزم بوقف الخروقات الجوية التي تعتبرها ضرورية لأمنها».
وذكرت أوساط ديبلوماسية لـ»نداء الوطن»، إنّ هوكشتاين أبلغ الى مسؤولي لبنان «أنّ إسرائيل لا تريد تكرار تجربة 2006 لجهة تطبيق القرار 1701 الذي بقي عملياً من دون تنفيذ منذ 18 عاماً تقريباً».
وكتبت” البناء”: سلّم المبعوث الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين رئيس مجلس النواب نبيه بري طرحاً ليسلّمه بدوره إلى حزب الله يتضمن تصوراً عملياً لمرحلة ما بعد اتفاق الهدنة، وينص على تأمين الاستقرار الأمني والهدوء في «إسرائيل» ولبنان وترسيم الحدود، وحلّ النقاط العالقة والمتنازع عليها وتطبيق القرار 1701.
وأفادت مصادر مطلعة ان الحزب لن يدخل في أي بحث أو نقاش في الوقت الراهن، بالنسبة إليه لا مفاوضات قبل وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وبعد ذلك يمكن البدء بكيفية البحث في القرار الدولي 1701 الذي يفترض أن تلتزم به «إسرائيل» وتثبيت الحدود.
وكتبت” الديار”: مصدر موثوق به بارز قال ان لا جديد طرحه هوكستين، انما تحدث بشكل عام عن وجوب حصول وقف دائم لاطلاق النار، وبعد ذلك يتم البحث في حل النقاط العالقة عند الخط الازرق وامكان تراجع حزب الله كيلومترات الى الشمال. وفي السياق نفسه، يوضح المصدر ان محادثات هوكستين تركزت حول كيف يمكن البدء بوضع اليات تنفيذية للافكار التي كان تحدث عنها سابقا في زيارته السابقة الى بيروت حول الاستقرار جنوبا لحظة حصول وقف اطلاق النار في غزة.
ويشير المصدر الى ان هوكستين كان على ما يبدو متفائلا بامكان التوصل الى هدنة في غزة، وهو تحرك باتجاه بيروت لاستكمال البحث في ما يعمل عليه لكي يكون جاهزا لحظة توقف العدوان على غزة. وعليه، فهو لا يزال يعمل على كيفية تنفيذ الافكار المطروحة عندما يحين موعد التسوية، وهي تشمل كما بات معلوما ترتيبات أمنية على الحدود وفقاً لمندرجات القرار 1701، لجهة تأمين انتشار أوسع للجيش اللبناني واتفاق على إنهاء أي ظهور عسكري لحزب الله في المنطقة، كما انسحاب «اسرائيل» من نقاط برية محل تنازع، اضافة الى العمل على اعداد برنامج دعم اقتصادي للمناطق الجنوبية.
واذ يجزم المصدر ان لا ضمانات لبنانية حصل عليها هوكستين للنقاط التي تحدث حولها ، اشار في الوقت نفسه الى ان لا ضمانات ايضا من «اسرائيل» حملها معه الى بيروت، علما ان المعلومات تفيد بان الموفد الاميركي توجه الى «اسرائيل» بعد زيارته لبنان.
وأكدت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن موضوع التهدئة على جبهة الجنوب والذي كان في صلب مناقشات الوسيط الأميركي آموس هوكشتين في بيروت لم يحدد موعده، وإن التوقعات الرسمية بأنطلاقة البحث عن العمل على هذه التهدئة قريبا قد تصطدم بما يحصل في الميدان، ورأت أن الأيام الفاصلة عن طرح الموفد الأميركي قد تشهد تطورات متسارعة ودراماتيكية في الجنوب والوقائع التي سجلت مؤخرا قد تجر معها هذه التطورات.
واعتبرت أنه في كل الأحوال اتصالات المسؤولين الرسميين مع هوكشتين تتواصل في إطار المتابعة لإرساء حل ديبلوماسي.
وكتبت«الشرق الأوسط»:توقفت المصادر أمام قول هوكستين، رداً على سؤال، إن الهدنة في غزة قد لا تنسحب تلقائياً على لبنان، وقالت إن ما قصده من وراء قوله هذا يكمن في أن واشنطن ترى أن مساندة «حزب الله» لـ«حماس» هي جزء من عملية «طوفان الأقصى» التي قامت بها ضد المستوطنات الإسرائيلية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وبكلام آخر، فإن إسرائيل، كما يقول الوسيط الأميركي، تنظر إلى مبادرة «حزب الله» بإشعال الجبهة الشمالية على أنها مرتبطة بأمن المستوطنات الواقعة على تخوم الحدود اللبنانية، وبالتالي، تصر على عدم ربط المواجهة مع الحزب باجتياحها غزة رداً على عملية «طوفان الأقصى».
لذلك، تصر إسرائيل، بحسب قول هوكستين، على ربط وقف العمليات العسكرية على امتداد حدودها مع لبنان بتجاوب «حزب الله» مع الجهود الرامية لتطبيق القرار 1701، بمعزل عما سيؤول إليه الوضع على الجبهة الغزاوية، وهذا يعني، من وجهة نظر الذين واكبوا لقاءاته في بيروت، أن ليس هناك ما يُلزم إسرائيل بتوسعة الهدنة في غزة لتشمل لبنان؛ لأن ما يهمها هو إعادة المستوطنين إلى أماكن سكنهم الأصلية، بالتوازي مع إعادة النازحين اللبنانيين إلى قراهم وبلداتهم.
وعليه، فإن عودة الاستقرار إلى الجنوب تبدأ من لبنان، وإن مجرد ربطها بغزة يعني التمديد للمواجهة العسكرية بدلاً من الدخول في مفاوضات غير مباشرة ترعاها واشنطن لتهيئة الأجواء أمام الشروع بتطبيق القرار 1701 وعدم تجزئته، استجابة لرغبة الوسيط الأميركي باعتماد الحل الدبلوماسي، لقطع الطريق على إسرائيل لتوسعة الحرب جنوباً بذريعة إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل 8 أكتوبر الماضي.
Related Posts