على قاعدة “من ساواك بنفسه ما ظلمك” أطلق الرئيس نبيه بري في مهرجان تغييب الامام موسى الصدر أمس، مبادرته الرئاسية الجديدة القائمة على ان “الاستحقاق لا يكون بفرض رئيس ولا يكون بوضع فيتو على رئيس” وذلك إحتراما منه للتوازن السياسي الذي أظهرته جلسة 14 حزيران الاخيرة.
رمى الرئيس بري حجرا في المياه الرئاسية الراكدة، التي ستُحرج دوائرها الأطراف السياسية لا سيما تلك المعارضة التي سحب “الاستاذ” منها كل الذرائع بتلبية طلبها بعقد جلسات نيابية متتالية حتى يخرج الدخان الابيض بإنتخاب رئيس، على أن يكون مفتاح هذه الجلسات حوار الأيام السبعة لوضع كل ما يتم طرحه سواء فرديا أو ثنائيا على بساط البحث لإتخاذ قرارات حاسمة بشأنه.
وضع الرئيس بري في خطاب الذكرى ال 45 لإمام الحوار النقاط على الحروف، وأعاد لبننة الاستحقاق الرئاسي الذي يعود البت فيه الى الكتل النيابية اللبنانية القادرة على التوافق على رئيس بدعم خارجي وليس بإملاءات قد تضاعف من حجم الانقسام وتضع لبنان على لائحة الإنتظار الى أن يحين أوان إكتمال التسوية في المنطقة.
وجّه بري أمام حشد إستثنائي من المناصرين والاصدقاء رسائل منطقية في إتجاهات عدة، أولها، أن الدعوات المتنامية للفدرلة والتقسيم هي مجرد تضييع للوقت، وثانيها، أن بعض نواب المعارضة القاطنين في الطائرات والمتنقلين بين العواصم الغربية لتقديم الشكاوى والتحريض على شركائهم في الوطن لن يحصدوا سوى الخيبة، ناصحا إياهم بالكف عن ذلك والعودة الى الوحدة الوطنية، متحدثا بثقة منقطعة النظير عن أن “هؤلاء لا يعرفون نبيه بري وحركة أمل وبالتالي فليخيطوا بغير هالمسلة”، وثالثها، الى المعطلين الرافضين لسير عمل المؤسسات، مؤكدا أن التشريع في مجلس النيابي يكتسب شرعيته من الدستور لأن كل تشريع هو ضروري، كما أن تصريف الاعمال من قبل الحكومة بحده الادنى كما هو حاصل اليوم، هو واجب في ظل الظروف والأزمات التي تحيط بلبنان.
رسم الرئيس نبيه بري في خطاب الأمس، خارطة طريق لإتمام الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت ممكن، وبدا واضحا أن هذه الخارطة ليست بعيدة عن بعض الاطراف الداخلية، وربما تكون أيضا متناغمة مع تطلعات اللجنة الخماسية، خصوصا أن طرح بري للمشاركة في حوار الأيام السبعة من شأنه أن يسهل مهمة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان وأن يعطيها قوة دفع بعدما كادت ان تتلاشى على وقع الضربات التي أصابتها، خصوصا أن الدعوة للحوار تشكل مطلبا للجنة الخماسية يحمله لودريان الذي بات بإمكانه ان يحل ضيف شرف على حوار الكتل النيابية والذي وعد بري بأن ينتهي الى جلسات مفتوحة تُنتج رئيسا.
يمكن القول، إن الرئيس بري استعاد زمام المبادرة، وأكد أن الحلول لا يمكن أن تمر إلا من بابها الشرعي المتمثل بمجلس النواب، وبالتالي فهو دعا الجميع الى التلاقي في منتصف الطريق، فإما ان يبادر المعنيون الى تلقف ذلك والمبادرة إيجابا، او أن يجد البعض نفسه معزولا عن التوافق الوطني الذي قد تنتجه مبادرة بري والتي يؤكد مطلعون انها ليست بعيدة عن إيجابيات الحراك الدولي – الإقليمي المستجد!..
Related Posts