خلال حرب تموز 2006 عجزت بعض مراكز الاحصاء عن تحديد عدد النازحين من مناطق الجنوب اللبناني والضاحية الجنوبية الى طرابلس، وذلك بسبب إنتقال عدد كبير منهم الى شقق سكنية لدى الأصدقاء والأقارب ولدى من سارعوا الى تقديم منازلهم لايواء أشقائهم، ما يشير الى الدور الذي لعبته طرابلس في مقاومة العدوان بتأمين كل وسائل الصمود لأهالي وعوائل المقاومين ولأبناء المناطق التي كانت تستهدفها على مدار الساعة طائرات العدو الاسرائيلي.
كانت طرابلس في تلك الأيام عبارة عن خلية نحل لا تهدأ، حيث تحرك مجتمعها المدني وتياراتها السياسية وبلديتها وجمعياتها والناشطين فيها لاغاثة الوافدين هربا من العدوان الاسرائيلي الغاشم على مدنهم وقراهم، فتم فتح بعض المدارس التي وضعت بتصرفهم وتم تجهيزها بالفرش والأغطية والمستلزمات الضرورية، وتأمين وجبات الطعام والمياه وحليب الأطفال والألبسة الضرورية والرعاية الطبية والاجتماعية، وأدوات التنظيف وغير ذلك مما يمكن أن يحتاجه النازحون.
كما قامت بعض الأندية الرياضية بتنظيم سلسلة نشاطات ترفيهية ورياضية للأطفال طيلة فترة إقامتهم في المدارس.
ما عجزت عنه مراكز الاحصاء في المنازل تمكنت منه في المدارس التي تبين أنها إحتضنت نحو ستة آلاف نازح، قامت جمعيات طرابلسية بوضع نفسها بتصرفهم وحرصت على تقديم رعاية ممتازة لهم.
لم تكتف هذه الجمعيات بالعمل على تأمين المتطلبات اليومية للنازحين لعدم إحساسهم أنهم بعيدون عن مناطقهم، بل وضعت خطة من أجل إيجاد مخزون إستراتيجي من المواد الغذائية في حال
إشتداد الحصار الاسرائيلي على لبنان، كما إرتفعت الأصوات من أجل تضافر الجهود من مختلف شرائح المجتمع الطرابلسي، والعمل كفريق واحد خدمة أبناء وطننا الصامدين.
أما النازحون الذين كانوا يتابعون آخر التطورات حول العدوان الاسرائيلي على مناطقهم، فعبروا عن إرتياحهم لوجودهم في طرابلس، مؤكدين أن الفرق التطوعية تعمل كل ما بوسعها لتأمين كامل إحتياجاتهم، ما يشعرهم أنهم ضمن مناطقهم وفي منازلهم.
وأشار محمد ناصر الدين الى أن الفرق التطوعية لا توفر جهدا من اجل تقديم كل ما يلزم للنازحين، شاكرا المجتمع المدني الطرابلسي الذي ليس غريبا عليه أن يحتضن إخوانه في المناطق الأخرى. وقال: نحن جئنا هربا من وحشية القصف وتركنا أرزاقنا ومنازلنا، والحمد لله وجدنا هنا كل ترحيب وكل رعاية.
وقال يوسف يزبك: إن الرعاية الكاملة التي تؤمنها لنا الفرق التطوعية في طرابلس، ممتازة جدا، صحيح أننا نقيم في مدارس كمهجرين، ولكننا لا نحتاج الى شيء، حيث يعمل المتطوعون تلبية كل حاجاتنا، ونأمل ان يكتب الله لنا الصمود والنصر وان نعود الى بلداتنا وقرانا مرفوعي الرأس.
الخلية المجتمعية التطوعية لخدمة النازحين في المدارس، كان يوازيها مبادرات فردية لآلاف العائلات الطرابلسية التي إحتضنت عائلات نازحة من أقاربها وأصدقائها ضمن منازلها، ما رسم أجمل صورة عن الوحدة الوطنية والتضافر اللبناني والمجتمعي وساهم في تعزيز صمود المقاومين..
إعداد: سفير الشمال
غدا: العدو يعزل طرابلس والشمال بقصفه محطات الارسال في تربل وأيطو
Related Posts