يراكم رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الأخطاء التي تكاد تجعله مستفردا في الساحة السياسية، منبوذا من الخصوم ومستبعدا من الحلفاء ومكروها من شريحة واسعة في تياره، وذلك بفعل الأنانية التي تتحكم بتصرفاته، فضلا عن جنون العظمة الذي بدأ اليوم يُخرجه عن طوره ويدفعه باتجاه سلوكيات فتنوية، بعد الخسائر العديدة التي منيَ بها.
يدرك المحيطون برئيس التيار البرتقالي أنه بات على قناعة بأن الهيكل الذي حاول بناءه منذ دخول عمه ميشال عون الى قصر بعبدا لم يكتمل، لا بل هو آخذ بالتصدع وصولا الى الانهيار الكامل، لذلك بات يتبع قاعدة “علييّ وعلى أعدائي”، وبما أن في تصنيف باسيل الكل أعداءه أو أخصامه حتى حلفائه وبعض من هم من ضمن تياره لمجرد أنهم يعارضون توجهاته، فإن تصرفاته باتت تشكل خطرا على العيش المشترك والسلم الأهلي، ما يجعل الحجر السياسي عليه مطلبا شعبيا، خصوصا أن اللبنانيين الذين يفتشون عن مقومات العيش الكريم، ملّوا مغامراته وسئموا طموحاته التي تؤدي في كل مرة الى مخاطر إحراق البلد.
لم يترك جبران باسيل صاحبا له، كما لم يترك أحدا مع أحد، حيث لا يتوانى عن الدخول بين المتفاهمين للتفريق بينهم، وبين المتخاصمين لزيادة خصومتهم، ما أدى الى محاصرة العهد داخليا، وعزل رئيس الجمهورية ميشال عون عن محيطه وأصدقائه.
لم يكد تفاهم معراب بين ميشال عون وسمير جعجع يبصر النور حتى سارع باسيل الى إفشاله، ومع تنامي الكيمياء بين عون والرئيس سعد الحريري الذي تحدث ذات مرة عن شعور “أبوة” تجاه رئيس الجمهورية دخل وعكر صفو العلاقة وقادها الى أسوأ حال، وكلما كانت المياه تعود الى مجاريها بين بعبدا وعين التينة يسارع الى قطعها، كما لم يرق له التناغم الحاصل بين الرئيس نجيب ميقاتي والرئيس عون حتى عمل على زرع الشقاق بينهما، وهو اليوم يعمل على منع أي تلاق قد يؤدي الى أي تفاهم بينهما بهدف تعطيل البلد والحؤول دون توقيع المراسيم التي تصب في خدمة اللبنانيين وتحقيق مصالحهم.
كل ذلك، يطرح جملة من التساؤلات لجهة: لماذا كل هذه التصرفات الانتقامية التي يتعاطى بها باسيل؟، وهل هو يريد الانتقام من عمه ميشال عون بدفع عهده الى الأفول على مزيد من الفشل لكونه لم ينجح في تهيئة الظروف له لخلافته؟، أم أنه ينتقم من أفراد العائلة الذين لم يتوانوا طيلة الفترة الماضية عن محاربته؟، أم أنه ينتقم من الرئيس نجيب ميقاتي كونه وقف في الحكومة المستقيلة وما يزال يقف في عملية التأليف بوجه طموحاته وجشعه السياسي وشهوته غير المحدودة للحصول على كل شيء؟، أم أنه ينتقم من حزب الله بتوتير الوضع الداخلي والذي لا يصب اليوم في مصلحته خصوصا أمام الاستحقاقات الكبرى التي تواجهها المقاومة، لعدم تبني ترشيحه لرئاسة الجمهورية والاتجاه نحو دعم سلميان فرنجية.
في كل الأحوال فقد فشل جبران باسيل في الحملة التي قادها ضد الرئيس ميقاتي بدءا من أكثرية أركان تياره الذين نأوا بأنفسهم عن مغامرته الجديدة التي قد تأخذ البلاد الى فتنة غير محسوبة النتائج، وصولا الى الاحتضان السني لميقاتي والذي جاء ليرد على ما كتبه باسيل في بيانات التيار البرتقالي حيث جاء التضامن أفقيا رافضا أي إساءة أو إستهداف لميقاتي أو لموقع رئاسة الحكومة، ومحذرا من مغبة الاستمرار في السلوك الباسيلي الذي لم يعد من الممكن السكوت عنه، خصوصا أن ممثل السنة في لبنان ليس مكسر عصا ولن يكون!..
Related Posts