هل بدأت المحاولات الفعلية لابقاء الرئيس عون في قصر بعبدا؟!.. غسان ريفي

قبل نحو ثلاثة أشهر وتحديدا في 22 أيار الفائت أي بعد إسبوع واحد من إجراء الانتخابات النيابية، أعلن النائب جميل السيد أن لديه رأي قد يأخذ به رئيس الجمهورية ميشال عون أو لا، وهو أنه لا يجوز أن يسلم صلاحيات الرئاسة الى حكومة تصريف الأعمال في نهاية ولايته.

يومها بدأت التحليلات عما إذا كان النائب السيد قد قدم فعلا هذا الرأي، أم أنه كان إنعكاسا لرغبة الرئيس عون، وعلى قاعدة كاد المريب أن يقول خذوني“، سارعت دوائر قصر بعبدا الى التبرؤ من كلام السيد الذي لم ينقل هذا الرأي عن عون بل هو تطوع بتقديمه، ولم يكن يحتاج ذلكالى بيان توضيحي يؤكد بأن رئيس الجمهورية لن يبقى لحظة واحدة في قصر بعبدا بعد إنتهاء ولايته، من دون التطرق الى تسليم الصلاحيات التي بقيت تتأرجح بين الاجتهادات، علما أن لا مجال للاجتهاد في معرض النص، خصوصا أن الدستور ينص على تسليم صلاحيات الرئاسة الى الحكومة القائمة من دون أن يذكر ما إذا كان كاملة الأوصاف أو تصريف أعمال.

ما قدمه النائب جميل السيد رأيا قبل ثلاثة أشهر، يبدو أن البعض يعمل على ترجمته واقعا اليوم، خصوصا مع الامعان في تعطيل تشكيل الحكومة وصولا الى قطع الطريق على الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لمنعه من لقاء الرئيس عون للبحث في التشكيلة التي قدمها له بعد يوم واحد من الاستشارات النيابية غير الملزمة والتي لم تكن تحتاج الا الى بعض الروتوش الرئاسي لتبصر النور، لكن التسريب السريع من مستشاري القصر المعطوف على حرب البيانات والمصادر والشائعات وإعادة طرح المعايير والمواصفات، ومن ثم الاساءة الى موقع رئاسة الحكومة من قبل دوائر القصر والمستشارين بعدم إعطاء الرئيس المكلف موعدا، وبعد ذلك تضمين خطاب الرئيس عون نعيا للحكومة في الوقت الذي كان يُنتظر فيه أن يُعقد لقاء بين الرئيسين عون وميقاتي بحضور الرئيس بري لتذليل العقبات أمام إنجاز تأليف الحكومة، أدى الى مزيد من التعطيل.

بالتزامن، ليست بريئة الحملة التي يشنها التيار الوطني الحر على الرئيس نجيب ميقاتي بما في ذلك إستهداف موقع رئاسة الحكومة والاعتداء على صلاحياته، وكأن التيار البرتقالي يسعى الى تحضير الأرضية لأزمة سياسية وطائفية جديدة تربك الساحة اللبنانية عموما، وتهدف الى فتح معركة الصلاحيات في حال عدم إنتخاب رئيس للجمهورية، خصوصا وبحسب المعلومات أن النائب جبران باسيل طلب من مطبخ قصر بعبدا السهر على إيجاد فتاوى دستورية تدعم توجهات التيار بعدم تسليم صلاحيات الرئاسة الى حكومة تصريف الأعمال، وأوعز الى بعض المقربين إليه في التيار من نواب وكوادر الى التركيز في إطلالاتهم الاعلامية على عدم قدرة حكومة تصريف الأعمال القيام بالمهام الرئاسية بما يشكل إعتداء واضحا علىالدستور الذي أقسم الرئيس ميشال عون على حمايته والحفاظ عليه.

أمام هذا الواقع، وقبل أن يتحول مجلس النواب الى هيئة ناخبة لرئيس الجمهورية، تتوالى الدعوات لتشكيل حكومة، وفي مقدمتها دعوة السيد حسن نصرالله في خطاب عاشوراء الى تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات إستباقا وتحوّطا لاحتمال الفراغ الرئاسي، لكن هذه الدعوة التي تصب في مصلحة لبنان عموما وتضع حدا لمزيد من الانهيار، لم تصل الى آذان باسيل الذي يبدو أنه يصر على التعطيل الحكومي، لأسباب عدة، أولها أن الحكومة في حال تشكلت لن يقبل الرئيس ميقاتي أن تكون على قياس باسيل أو أن تقدم له هدايا وزارية تساعده على تمديد نفوذه السياسي الى العهد الجديد، وثانيها لارباك الساحة وتصفية الحساب مع ميقاتي والامعان في إستهداف وقع رئاسة الحكومة ومن خلاله إتفاق الطائف وثالثها محاولة تمديد ولاية الرئيس عون قسرا بشكل مخالف للدستور، ورابعها ضمان باسيل بأن ما يقوم به يبقيه ضمن المعادلة السياسية خصوصا أن تشكيل الحكومة أو إنتخاب رئيس جديد للجمهورية من دون تحقيق أي مكسب له يُخرجانه من دائرة التأثير السياسي..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal