أسبوع بالتمام والكمال يبعد عن الذكرى الـ17 لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط 2005، وسط أجواء إرباك وبلبلة تسود تيّار المستقبل، نظراً لأنّ ملامح الإستعدادات لإحياء تلك الذكرى لم تتضح بعد، وفي ظل أجواء إنقسام غير مسبوقة من شأنها أن تهدّد الذكرى، هذه السّنة وفي السّنوات المقبلة.
فبعد انتقال إحياء الذكرى من السّاحات والشّوارع إلى داخل القاعات بعد تراجع أعداد المواطنين المشاركين فيها، وانخفاض حماسهم، بالتزامن مع تراجع ملموس لشعبية تيّار المستقبل وحلفائه في السّنوات الأخيرة، تحلّ الذكرى هذه المرّة مختلفة شكلاً ومضموناً بشكلٍ غير مسبوق، وتطرح تساؤلات لم تجد أجوبة عليها بعد.
تطوّران بارزان دخلا في الآونة الأخيرة على خط إحياء الذكرى، الأوّل تمثل في إعلان زعيم تيّار المستقبل الرئيس سعد الحريري في 24 كانون الثاني الفائت “تعليق” العمل في الحياة السّياسية اللبنانيّة، وعدم ترشّحه هو أو أحد من أفراد عائلته أو تيّار المستقبل أو باسمهم للإنتخابات النيابيّة المقرّرة في 15 أيّار المقبل.
وما أثار المخاوف أنّ الحريري غادر لبنان في اليوم نفسه الذي أعلن فيه موقفه، من غير توضيح إذا كان سيعود بعد 3 أسابيع لإحياء الذكرى، ما جعل مقربين منه يدلون بمواقف متضاربة حول كيف سيُحيي الحريري ذكرى اغتيال والده؛ فمنمهم من أشار إلى أنّ الحريري سيعود بالتأكيد إلى بيروت لهذه الغاية، وآخرين قالوا إنّ الحريري لن يعود إلى لبنان، وأنه سيكتفي بإلقاء كلمة متلفزة ومسجلة له من مقرّ إقامته الحالي في الإمارات العربية المتّحدة.
أما الثاني، فهو دخول بهاء الحريري، الشقيق الأكبر لسعد، على خط إحياء الذكرى، وسط تسريبات من أوساطه تقول إنّ الرجل يبدي نيّته إحياء الذكرى، واغتنامها فرصة لإطلالته سياسياً للمرّة الأولى على جمهور تيّار المستقبل، في خطوة منه يحاول أن يقول عبرها إنّه الوريث السّياسي للقاعدة الشّعبية لوالده، مغتنماً إبتعاد شقيقه، لأسباب عدّة، عن الواجهة.
هذا المشهد المرتقب سيصيب كثيرين من نوّاب وكوادر ومنسقي جمهور تيّار المستقبل بالحرج، فإلى أين سيذهبون في 14 شباط الجاري، إلى ساحة بهاء أم إلى ساحة سعد، وأيّ السّاحتين ستكون حاضرة أكثر وأكبر، وهل سيؤدّي ذلك إلى حصول صدام بينهما قبل وأثناء وبعد إحياء الذكرى، وأيّ مستقبل ينتظر تيّار المستقبل في المرحلة المقبلة إذا استمر هذا التجاذب بين الشقيقين، وتنافسهما حول إثبات الذّات والحضور؟
لم يكن أشدّ المتشائمين ولا ألدّ خصوم الحريري وتيّار المستقبل يتوقع وصولهما إلى هذا الدرك من التشظّي والتراجع والإنقسام، بالرغم من الإنتقادات الواسعة التي وُجّهت للحريري بسبب السّياسات التي اتّبعها، من غير أن يقوم بمراجعة نقدية لكلّ المحطات والتجارب التي خاضها، وخيبات الأمل، والنكسات التي تعرّض لها منذ دخوله معترك العمل السّياسي قبل 17 عاماً، وليس معروفاً إن كان القيام بهذه المراجعة اليوم أو غداً يجدي نفعاً في تصحيح ما فات، وتعويض خسائر وتراجعات السّنوات السّابقة.
Related Posts