سلام يعود من دمشق بلجنة وزارية.. معالجة الملفات ما تزال بعيدة المنال!.. غسان ريفي

شكلت زيارة رئيس الحكومة نواف سلام إلى سوريا على رأس وفد وزاري ولقائه الرئيس أحمد الشرع خطوة منطقية على طريق تصحيح العلاقات اللبنانية السورية ووضعها ضمن أطر التعاون المشترك لمعالجة الملفات الشائكة بين البلدين وأبرزها: ضبط وترسيم الحدود البرية، عودة النازحين السوريين، التعاون لكشف مصير المفقودين والمعتقلين اللبنانيين في سوريا، التعاون في القاء القبض على مطلوبين سوريين للعدالة اللبنانية، ومعالجة قضية السجناء السوريين غير المحكومين في لبنان، ومعالجة مواضيع التجارة والترانزيت بين البلدين.

لا شك في أن هذه الملفات لا يمكن أن تُحل في زيارة واحدة لرئيس الحكومة إلى سوريا، ولا يمكن أن تعالج من خلال تشكيل لجنة وزارية، بل هي تحتاج إلى ورش عمل وزارية مستمرة كل ضمن إختصاصه لكي توضع على السكة الصحيحة.

ويبدو من خلال الأجواء التي رافقت الزيارة أن الادارة السورية غير مستعدة حتى الآن للتجاوب في معالجة الملفات المطروحة، خصوصا أن رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي كان وضع بين يدي الشرع تصورا كاملا لإعادة تصحيح العلاقات بين لبنان وسوريا ومن ضمنه كل هذه الملفات، وكان يفترض بالرئيس سلام أن يتابع ما بدأه ميقاتي، ويسأل عما فعلته الادارة السورية للبنان على هذا الصعيد بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على زيارة ميقاتي، لا أن يبدأ من المربع الأول.

في الشكل، كانت زيارة ناجحة لجهة حفاوة الإستقبال واللقاء الموسع بين الطرفين والخلوة بين الرئيسين وحفل الغداء على شرف الوفد اللبناني، وتشكيل لجنة وزارية للبحث في الملفات العالقة.

لكن في المضمون، يبدو أن الإيجابيات التي تحدث عنها سلام ووزير الخارجية يوسف رجي ما تزال بعيدة المنال، وأن الزيارة لم تحقق أهدافها سوى في إعادة طرح هذه الملفات وربما التذكير فيها، علما أنه لم يجر وضع آلية لعمل اللجنة الوزارية وكيفية إنعقاد إجتماعاتها والتواصل بين أعضائها من الوزراء اللبنانيين والسوريين ما يشير إلى أن المبالغة في بث الأجواء الايجابية حول الزيارة هو نوع من البروباغندا الاعلامية التي غالبا ما باتت ترافق نشاطات رئيس الحكومة من الجنوب إلى طرابلس وعكار وسوريا، حيث كان لافتا إلى أن أحدا من أعضاء الوفد لم يتحدث أو يسرّب أن المباحثات بين الرئيسين الشرع وسلام تناولت تعاون سوريا في مجالها الجوي وفي تقنيات الطيران المدني لاعادة تشغيل مطار القليعات الذي أمل اللبنانيون بعد زيارة سلام اليه أن يوضع ملفه على نار حامية.

كما بدا واضحا أن الرئيس سلام لم يحصل من الادارة السورية على أية وعود ملموسة، خصوصا في ملف المعتقلين اللبنانيين والمخفيين قسرا الذين كان يفترض بسلام أن يعود بهم في حال وجودهم أو أن يحصل على لائحة بأسمائهم لطمأنة أهاليهم تمهيدا لاستعادتهم.

وكذلك الأمر بالنسبة إلى عودة النازحين السوريين الرافضين للعودة الطوعية بسبب الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الصعبة في بلادهم، وغير المرغوب بهم في الوقت الحالي من حكومة بلادهم التي لا تستطيع إستيعاب أعدادهم في ظل ما تواجهه من تحديات وصعوبات، وهذا الأمر ينسحب أيضا على تركيا التي يوجد فيها نحو أربعة ملايين نازح ما يزال مصيرهم معلقا.

أما بالنسبة لترسيم الحدود اللبنانية السورية فهو لا يحتاج إلى لجنة وزارية بل إلى مراقبين وأخصائيين ميدانيين للبحث في النقاط ال٢٧ الخلافية الممتدة على طول ٣٧٥ كيلومترا، علما أن هذه المساحة ليست بكاملها اليوم تحت سيطرة الادارة الجديدة التي ما تزال تواجه خطر تقسيم سوريا وتعمل على مواجهته فكيف يمكن أن تتعاون على ترسيم حدود لبلد لا تمتلك حتى الآن السيطرة على كامل ترابه واراضيه.

لذلك، يمكن القول أن الرئيس سلام عاد من سوريا بمزيد من الوعود وبلجنة وزارية لبنانية سورية بمهام غير واضحة، وهو ربما وضع العربة قبل الحصان، حيث كان يفترض به أن يحضر أكثر لهذه الزيارة عبر إعداد الملفات وإرسال اللجان لوضع تصورات حول كيفية معالجتها ومن ثم يتوج ذلك إلى جانب الرئيس الشرع بالإعلان عنها، لكن ذلك لم يحصل ما يؤكد أن سلام يستعجل الأشياء قبل أن تنضج، في حين تؤكد مصادر مواكبة أن محور هذه الزيارة كان ضبط تهريب المخدرات عبر الحدود وزيادة الضغط على حزب الله بمنع وصول أي شيء إليه، وما دون ذلك كله عناوين ممنوعة من الصرف!..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal