وتفتح الذات بابها لمناسبة ومن دون مناسبة. لكنها اليوم تتفتح رغماً عنها. كيف لا وهي تعكس ذاتها مثل أشعة الشمس على المرآة الصافية. تتفتح اليوم لمناسبة يترقبها كل قلب نابض دق بابه شعور غريب بدّل حاله وأربك فكره، فإنتفض قلبه واعتمل وجدُه وتفكيره. إنها مناسبة يحتفل بها ملايين العشاق في ذكرى تأتيهم مرة في السنة، وينسون أو يتناسون أنهم يعيشونها كل لحظة من لحظات عمرهم.
إنها ذكرى”عيد الحب”، ويا له من “عيد”!!
إن الذات الممتزجة بأفكار متعددة و مختلفة إنطلاقاً من ربيع تخضبت مروجه بالدماء الذكية، إلى واقع إتسم بمتغيرات في أنظمة وأحوال، إلى حقيقة واعدة بفيض من الإزدهار والخير العام.
ذكرى الحب.. عيد الحب.. يوم الحب.. كل التسميات تقود إلى نفس الشيء. تقود إلى الحب، و أي حب هذا الذي نتذكره اليوم؟
بالطبع كل النفوس تهوى حب الحبيب، وكأن الحب يكون ذاكرة مرة في العام. وماذا عن باقي الأيام؟ ألا يكون هناك حبٌ ولا تكون له ذكرى؟
إنه موجود و يتواجد في كل لحظة لا بل يتكرر عند كل لقاء. وتستعر ناره عند كل لحظة فراق ويشتعل من جديد عند كل لقاء يحدث في لحظة تتألق مجدداً. حب طيب المذاق حلو الطعم لذيذ الحياة. حب نرضى به ويرضى بنا رغم ما فيه من حسرات و آلام. حبٌ نرغب فيه ونبحث عنه حتى نجده. نعيشه طوال حياتنا حتى الممات فتنعم به حياتنا وتطيب معه ذكراه.
وليس أجمل وأحب من هذا العيد التاريخي ما نراه اليوم في لبنان، وطننا الجريح إذ يضمد جراحه النازفة ويكفكف دموعه المتناثرة عن وجنات شعبه الحبيب ليستفيق من رقاده العميق على عزف موسيقى عودة لبنان من لجة الإنهيار والتداعي والحرمان ومع إطلالة فجر حكومة تجسد وحدة الشعب وتوحي بإستعادة المؤسسات الدستورية كاملة إلى أحضان الدولة تحت سقف الدستور اللبناني وفي ظل رعاية القانون وإحترام النظام العام على المستوى الداخلي والخارجي وعلى حد سواء..
أجل إنه هنا وعلى هذا الصعيد وفي رحاب هذا المشهد التحولي من العتمة الكالحة إلى إشراقة فجر الحياة يطل علينا عيد الحب الإنساني المثالي بمهرجانه المدوي من أقاصي الأرض إلى أقاصيها مبشراً بالحب والمحبة والعدل والإنسانية والسلام.
هلّموا يا عشاق الحياة إلى تلقف هذا العيد بأجمل ما فيه من معاني ومشاعر وآمال ترمز إلى كل ما فيه خير وحب وتجلي وإبداع ليلتقي الإنسان مع أخيه الإنسان وهو يردد داخلياً وخارجياً؛ بالحب يتجسد حلم السعادة ويرتاح الضمير على وسادة الإطمئنان والسيطرة على الهواجس المرهفة والكوابيس المتعبة التي لا يمكن التغلب عليها إلا من خلال الحب المثالي المكّرس على شرف هذا العيد لنجعل كل الأيام إذا شاء الله أيام حب تملؤها الإنسانية.