نواف سلام.. “أسمَع كلامَك أصدقك أشوف أمورَك أستعجب”!!!.. غسان ريفي

يتصرف الرئيس المكلف نواف سلام في عملية تشكيل الحكومة وفق المقولة المصرية: “أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أستعجب”، ما يطرح جملة من التساؤلات المشروعة، عما إذا كان هو فعلا من يشكل الحكومة؟، أو أن فريق عمله النيابي التغييري والاعلامي يتولى هذه المهمة؟، أو من خلال إيحاءات دولية ـ إقليمية؟، أو أنه يلعب على حبال السياسة بإنتظار متغيرات ما أو ضغوط تسمح له بإنجاز التأليف؟.

يُفترض عاجلا أم آجلا أن يصل نواف سلام الى لحظة الحقيقة، التي سيقدم فيها حكومته الى اللبنانيين، وعندها ستظهر الأمور بوضوح لا سيما ما يتعلق بالوزراء وإنتماءاتهم وتوجهاتهم وإلتزاماتهم، وبوزير المالية وهويته وطائفته ومذهبه، وعندها ستظهر أيضا ردة فعل الشارع، ومن ثم التكتلات النيابية التي إما أن تمنح حكومته الثقة، أو أن تحجبها عنها وتحولها الى تصريف الأعمال، ما سيضطر رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون أن يتقبل أول فشل حكومي في عهده، وأن يدعو الى إستشارات نيابية ملزمة يصار خلالها الى تسمية رئيس مكلف يبدأ مسيرة تأليف حكومية جديدة.

حتى الآن، لا يستطيع أي كان أن يواكب الرئيس المكلف في عملية التأليف، فكلام الليل يمحوه النهار، والتناقض في التصريحات سيد المواقف، والتعهدات والالتزامات يستهدفها فريق العمل “الثوري” لتفشيلها، ما يجعل الرئيس سلام في حالة من إنعدام الوزن قد تنعكس عليه سلبا وتفقده الثقة قبل أن يشكل الحكومة.

منذ تكليفه في 13 كانون الثاني الجاري، والرئيس سلام يُصرّح بشكل شبه يومي بأنه يعمل على تأليف الحكومة وفقا لرؤيته الخاصة وبمواصفات أكاديمية ومن ذوي الخبرات، بعيدة عن الطابع السياسي ولا روابط حزبية لها، وأنه لن يهتم لأمر الأسماء التي وصلت إليه من قبل الكتل النيابية.

هذه التصريحات توحي بأن سلام يضرب بعرض الحائط كل المطالب السياسية، وهذا أمر يبشر بالخير في ظل الرغبة الجامحة بالتغيير المنشود، لكن، إذا كان ما يقوله صحيحا فإن 18 يوما تعتبر مدة كافية لتجميع هذه الكفاءات والخبرات اللاحزبية واللاسياسية وتقديمها في تشكيلة حكومية الى رئيس الجمهورية لتوقيعها، لكن سلام لم يفعل ذلك حتى الآن بالرغم مما ينقله عنه زواره أو يسربه فريق عمله الى وسائل الاعلام.

كما أن تعاطي الرئيس سلام مع الأسماء المطروحة لوزارة المالية يكاد يشبه “فوازير” رمضان الذي بات على الأبواب، حيث يكرر دائما: “أن وزارة المال ليست حكرا على طائفة وليست ممنوعة على طائفة”، وفي هذا الكلام قمة الارتباك الذي يسيطر عليه، خصوصا أنه سبق وتعهد للرئيس نبيه بري بتلبية مطالب الثنائي، ثم جدد ذلك خلال لقائه الخليلين مساء الأربعاء الفائت واللذين قالت مصادرهما أن “اللقاء كان ممتازا وأنه لا يوجد أي خلاف في وجهات النظر مع الرئيس المكلف”، وبما أن الثنائي يتمسك بالنائب السابق ياسين جابر وزيرا للمالية، وبما أن الرئيس سلام تعهد بتحقيق ذلك، فلماذا كل هذه المكابرة السياسية في التعاطي مع هذا الموضوع؟.

وكيف يتعهد سلام لممثليّ كتلة الاعتدال الوطني النائبين وليد البعريني ومحمد سليمان بتمثيل عكار بواحد من خمسة أسماء تسلمها منهما، ثم يتحدث عن وزراء من دون روابط سياسية وحزبية، وكيف يفسر الوعود التي يعطيها الى كتلة التوافق الوطني وغيرها من الكتل النيابية؟، لا سيما الكتلتين المسيحيتين اللتين يعجز سلام عن التصدي لمطالبهما وخصوصا القوات اللبنانية التي تمارس “عنترياتها” عليه، إنطلاقا من أنها هي من طرحت إسمه وساهمت في تكليفه، وهي نفسها ستعارضه في حال لم يلب رغباتها.

يقول أحد النواب المتابعين لعملية التأليف: يبدو أن وزراء حكومة سلام يجب أن يكونوا من اليساريين السابقين الذين تخرجوا من الجامعة الأميركية أو درسوا فيها أو مروا ذات يوم بجانبها، لافتا الى أن سلام لا يمكن أن يُكمل بهذا السلوك غير المبرر وغير المفهوم والبعيد عن الواقع، والأفضل له أن يكون واضحا وصريحا لأن ذلك سينعكس سلبا على حكومته بالدرجة الأولى وقد يتسبب بتعثر إنطلاقة العهد.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal